قصة قصيدة فقل للخليفة إن جئته
أمّا عن مناسبة قصيدة “فقل للخليفة إن جئته” فيروى بأن الخليفة أبو جعفر المنصور قام بتسليم ابنه المهدي ولاية خراسان، وقام بعزل عبد الجبار بن عبد الرحمن، وكان ذلك لأنه قام بقتل جماعة من رجال الخليفة، فشكاه الخليفة إلى رجل يقال له أبو أيوب الخوزي، وهو كاتب الرسائل، فقال له: يا مولاي، ابعث له بأن يبعث بجيش من بلاده إلى بلاد الروم، لكي يغزوهم، وعندما يقوم ببعث الجيش، ابعث له من تشاء، فيخرجه من بلاده ذليلًا من دون أي مقاومة، فوافق الخليفة على رأيه، وبعث له بكتاب يأمره فيه بتجهيز جيش، وإرساله إلى بلاد الروم، ولكن عندما وصله الكتاب، بعث لأمير المؤمنين بأن الأتراك قد عاثوا خرابًا في البلاد، فإن خرج من عنده جيش، فسوف يستولون عليها.
وعندما وصل الكتاب إلى الخليفة، بعث في طلب أبا أيوب، وقال له: بما تنصحني؟، فقال له: ابعث له بأنك سوف تمده بجيش من عندك لكي يحافظ على البلاد، إن قام ببعث جيشه إلى الروم، فبعث له الخليفة بكتاب يخبره به بذلك، ولكنّه رد عليه بكتاب يخبره فيه بأنه لا يوجد في المدينة ما يكفي من قوت، فإن دخل عليها جيش فسدت، وعندما وصل ذلك إلى الخليفة بعث في طلب أبا أيوب، وطلب نصحه، فقال له أبو أيوب: إن هذا الرجل قد أوضح لك نيته، فلا تناظره.
فبعث الخليفة بابنه إلى منطقة الري، لكي يقيم هنالك، وبعث بجيش على رأسه خازم بن خزيم، إلى عبد الجبار، فهزموه شر هزيمة، وأخذوه معهم وساروا به حتى وصلوا إلى الخليفة، فضرب له عنقه، وسير أبنائه إلى أطراف اليمن، وتوجه المهدي إلى خراسان، واستقر فيها، وبينما هو هنالك أمره الخليفة بأن يغزو طبرستان، وأن يحارب أهلها، وبعث له بجيش يساعده على ذلك، فدخلوها وانتصروا عليهم، وفي خبر ذلك يقول الشاعر بشار بن برد:
فَقُل لِلخَليفَةِ إِن جِئتَهُ
نَصوحاً وَلا خَيرَ في مُتَّهَم
إِذا أَيقَظَتكَ حُروبُ العِدا
فَنَبِّه لَها عُمَراً ثُمَّ نَم
فَتىً لا يَنامُ عَلى ثَأرِهِ
وَلا يَشرَبُ الماءَ إِلاّ بِدَم
إِذا ما غَزا بَشَّرَت طَيرُهُ
بِفَتحٍ وَبَشَّرَنا بِالنِعَم
إِذا قالَ تَمَّ عَلى قَولِهِ
وَماتَ العَناءُ بِلا أَو نَعَم
وَبَعضُ الرِجالِ بِمَوعودِهِ
قَريبٌ وَبِالفِعلِ تَحتَ الرَجَم
كَجاري السَرابِ تَرى لَمعَهُ
وَلَستَ بِواجِدِهِ عِندَكَم
نبذة عن الشاعر بشار بن برد
هو بشار بن برد بن يرجوخ العقيلي، من الشعراء المخضرمين الذين أدركوا نهاية العصر الأموي، وبداية العصر العباسي.