قصة قصيدة فلولا التقى ثم النهى خشية الردى
أمّا عن مناسبة قصيدة “فلولا التقى ثم النهى خشية الردى” فيروى بأنه عندما توفي سليمان بن عبد الملك بن مروان، وبعد أن تم دفنه خرج عمر بن عبد العزيز، فأتوه بمراكب الخلافة، لكي يركب فيها، ويعود إلى قصر الخلافة، ولكنه رفض أن يركبها، وأخذ ينشد قائلًا:
فلولا التقى ثم النهى خشية الردى
لعاصيت في حب الصبا كل زاجر
قضى ما قضى فيما مضى ثم لا ترى
له صبوة أخرى الليالي الغوابر
ومن ثم قال: ما شاء الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العليم، وأمرهم أن يبيعوا هذه المراكب في مزاد لمن يدفع أكثر، وكان كل المركب من الخيول العربية الأصيلة، فبيعت ووضع ثمنها في بيت مال المسلمين.
ومن ثم أمر بأن يحضروا له بغلته، فأتوه بها، وركبها، وتوجه عائدًا إلى بيته، وعندما وصل وكان الناس قد بايعوه للخلافة، فجلس في بيته وهو مغتم ومهموم، فرآه أحد مواليه وهو على هذه الحال، فاقترب منه وسأله عن سبب غمه وهمه، وما هذا بوقت يجب عليه أن يحزن فيه، فقال له: ويحك، ولم لا أغتم، ولا يوجد أحد من مشارق الأرض ومغاربها من هذه الأمة إلا ويطلب مني أن أؤديه حقه، بعث لي بذلك، أو لم يبعث، طلبه مني أم لم يطلبه.
ومن بعد ذلك بعث في طلب زوجته فاطمة بنت عبد الملك بن مروان، وأجلسها بالقرب منها، وخيرها بين أن تبقى معه، ولا يوجد عنده أي وقت فراغ يقضيه معها، أو أن تلحق بأهلها، فأخذت فاطمة تبكي، وبكى هو الآخر، وبكت جواريها عندما رأينها تبكي، ولكنها اختارت أن تبقى معه على أية حال.
وفي يوم قال له رجل: تفرغ لنا يا أمير المؤمنين، فأخذ الخليفة ينشد قائلًا:
قد جاء شغل شاغل
وعدلت عن طريق السلامة
ذهب الفراغ فلا فراغ
لنا إلى يوم القيامة
نبذة عن عمر بن عبد العزيز
أبو حفص عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم الأموي القرشي، وهو ثامن الخلفاء الأمويين، ولد في المدينة المنورة، وتوفي في الشام.