قصة قصيدة فما أعرف الفهدي لا در دره

اقرأ في هذا المقال


قصة قصيدة فما أعرف الفهدي لا در دره

أمّا عن مناسبة قصيدة “فما أعرف الفهدي لا در دره” فيروى بأن زوج عزة قرر في سنة من السنين أن يحج، فخرج هو وزوجته اتجاه مكة المكرمة، وعندما وصل خبر ذلك إلى كثير قرر أن يتبعهما إلى هنالك، لعله يحظى منها بنظرة، وبالفعل توجه إلى هنالك، وبينما هو في الطواف رأته عزة، فتوجهت إلى جمله، ومسحت بين عينيه، وقالت له: حياك الله أيها الجمل، فلحق بها، ولكنه لم يدركها، فوقف عند جمله، وأنشد أبياتًا من الشعر، فسمعه الفرزدق، وأخذ يبتسم، وقال له: من أنت؟، فقال له: أنا كثير عزة، ومن أنت؟، فقال له: أنا الفرزدق بن غالب، فقال له كثير: أأنت من تقول:


رحلت جمالهم بكل أسيلة
تركت فؤادي هائما مخبولا

لو كنت أملكهم إذا لم يرحلوا
حتى أودع قلبي المتبولا

ساروا بقلبي في الحدوج وغادروا
جسمي يعالج زفرة وعويلا

فقال له الفرزدق: نعم أنا، فقال له: والله لو لم أكن في بيت الله الحرام، لصحت صيحة أيقظت الخليفة هشام بن عبد الملك وهو على سريره في الشام، فقال له الفرزدق: والله لأخبره بذلك، ومن ثم افترق الاثنان، وعندما وصل الفرزدق إلى الشام، دخل إلى الخليفة، وأخبره بخبر كثير، فأمر الخليفة بأن يكتبوا إلى كثير بأن يأتي إليه، وكان يريد أن يطلق عزة من زوجها، ويزوجها منه.

وعندما وصل الكتاب إلى كثير، خرج وتوجه إلى دمشق، وبعد أن خرج من دياره، رأى غرابًا على شجرة، وكان الغراب ينتف الريش عن نفسه، فأصبح ريشه يتساقط على الأرض، فتغير لون كثير، وخاف من ذلك، ولكنه أكمل مسيره، وبينما هو في طريقه، مر على ديار بني فهد، لكي يتزود بالماء، ويرتاح قليلًا، وبينما هو عندهم، رآه شيخ منهم، فقال له: يا بني، هل رأيت شيئًا في الطريق فخفت بسببه؟، فقال له كثير: نعم، لقد رأيت غرابًا على شجرة، وهو يفلي نفسه، وينتف ريشه، فقال له الشيخ: أما الغراب فهو اغتراب، والتفلي فرقة، فازداد خوفه، وحزن عندما سمع كلام الشيخ.

أكمل كثير عزة مسيره نحو دمشق، وعندما وصل إلى هنالك، ودخل إلى المدينة، رأى الناس وهم مجتمعون ويصلون صلاة الجنازة، فنزل من على راحلته، وصلى معهم، وعندما أكمل الجمع الصلاة، رآه أحدهم وعرفه، فقال له: لا إله إلا الله، ما أعقلك يا أخي في هذا اليوم، فقال له كثير: وما الذي حصل في هذا اليوم؟، فقال له الرجل: إن هذه جنازة عزة، فسقط كثير على الأرض مغشيًا عليه، وعندما استيقظ أنشد قائلًا:

فما أعرف الفهدي لا در دره
وأزجره للطير لا عزّ ناصره

رأيت غراباً قد علا فوق بانة
ينقف أعلى ريشه ويطايره

فقال غراب اغتراب من النوى
وبانة بين من حبيب تعاشره

ثم شهق شهقة ومات من ساعته، ودفن مع عزّة في يوم واحد.

نبذة عن كثير عزة

هو كثير بن عبد الرحمن بن الأسود بن عامر بن عويمر الخزاعي، شاعر من شعراء العصر الأموي، من أهل المدينة المنورة.


شارك المقالة: