قصة قصيدة فما العيش إلا ما تلذ وتشتهي

اقرأ في هذا المقال


قصة قصيدة فما العيش إلا ما تلذ وتشتهي

أمّا عن مناسبة قصيدة “فما العيش إلّا ما تلذ وتشتهي” فيروى بأنّ يزيد بن الخليفة الأموي يزيد بن عبد الملك بن مروان كان عنده جاريتان يقال لهما حبابة وسلامة، وقد شغل الخليفة باللهو معهما والشرب عن الخروج إلى الأسواق، والظهور للشعب، وشغل أيضًا عن حضور صلاة الجمعة، وأصبح ملازمًا لمنزله، لا يخرج منه أبدًا، فدخل إليه أخاه مسلمة في يوم من الأيام، وقال له: يا أمير المؤمنين، لقد قمت بترك ما هو مهم من الأمور، وانقطعت عن الناس، وأصبحت دائم البقاء في منزلك مع هاتين الجاريتين، وعليك أن تنتهي عن هذا.

وبسبب كلام أخيه، انقطع الخليفة عن الجاريتين، وأصبح يخرج من منزله، ويظهر لعامة المسلمين، فذهبت واحدة منهما إلى الأحوص الأنصاري، وقالت له: قل لي شعرًا أغنيه لأمير المؤمنين، فأنشد قائلًا:

فَمَا العَيشُ إِلا ما تَلَذُّ وَتَشتَهي
وَإِن لامَ فيهِ ذُو الشَّنان وَفَنَّدا

وَعَهدِي بِها صَفراءَ رُوداً كَأَنَّما
نَضَا عَرَقٌ مِنها عَلَى اللَّونِ عَسجَدا

مُهَفهَفَةُ الأَعلَى وَأَسفَلُ خَلقِها
جَرَى لَحمُهُ مِن دونِ أَن يَتَخَدَّدا

وَكَيفَ وَقَد لاحَ المَشيبُ وَقطعَت
مَدى الدَّهرِ حَبلاً كانَ لِلوَصلِ مُحصِدا

لِكُلِّ مُحِبٍّ عِندهَا مِن شِفائِهِ
مَشارِع تَحميها الظّمان المُصَرَّدا

أَتَحسَبُ أَسماء الفُؤاد كَعَهِدِه
وَأَيامه أَم تَحسَب الرأس أَسوَدا

لَيالِي لا نَلقَى وَلِلعَيشِ لَذَّة
مِنَ الدَّهرِ إِلا صائِداً أَو مصيدا

مِنَ المُدمَجاتِ اللَّحمِ جَدلاً كأنَّها
عِنانُ صَناعٍ مُدمَجُ الفَتلِ مُحصَدا

كَأَنَّ ذَكِيَ المِسكِ مِنها وَقَد بَدَت
وَريح الخُزامَى عَرفُهُ ينفحُ النَّدا

وفي يوم وبينما الخليفة جالس مع الجاريتين، غنت له الجارية شعر الأحوص الأنصاري، فقام وضرب بعصاه الأرض، وقال: والله إنه قد صدق، وعلى أخي وما جاء به لعنة الله، ومن بعدها عاد إلى ما كان عليه، حتى ماتت الجارية حبابة، وبعد أن ماتت بعدة أيام مات هو الآخر من شدة حزنه عليها.

نبذة عن الأحوص الأنصاري

هو عبد الله بن محمد بن عبد الله بن عاصم بن ثابت الأنصاري، وهو أحد شعراء العصر الأموي، ولد في مدينة دمشق، وعاش في المدينة المنورة، اشتهر بشعر الهجاء، وعاصر كل من الجرير والفرزدق.


شارك المقالة: