يعتقد البعض بأنهم أصحاب حظ عاثر، وبأن الحظ لا يحالفهم كما يحالف غيرهم، ومن ذلك ما حصل مع الحطيئة الذي أراد أن يمدح علقمة بن علاثة، فتوفي علقمه قبل أن يصل إليه، فأنشد أبياتًا من الشعر يندب حظه.
من هو الحطيئة؟
هو أبو مليكة جرول بن أوس بن مالك العبسي المشهور، وهو شاعر من مخضرمي العصر الجاهلي والعصر الإسلامي.
قصة قصيدة فما كان بيني لو لقيتك سالما
أما عن مناسبة قصيدة “فما كان بيني لو لقيتك سالما” فيروى بأن علقمة بن علاثة العامري الكلابي كان قد أسلم في عام الفتح، وقد شهد غزوة حنين مع الرسول صل الله عليه وسلم، وأعطي مائة من الإبل بعد أن انتصر المسلمون فيها، وكان سبب ذلك تأليفًا لقلبه.
ويروى بأنه كان شريفًا مطاعًا في قومه، ولكنه وبعد أن توفي الرسول صل الله عليه وسلم، ارتد عن الإسلام، وكان ذلك في عهد الخليفة أبو بكر الصديق، فبعث إليه أبو بكر بسرية، فهزمته هو ومن معه، واستسلم، وتاب، وحسن إسلامه بعد ذلك.
ويروى بأنه قد وفد على عمر بن الخطاب في فترة خلافته، ومن ثم غادر إلى الشام لكي يطالب بميراث له، ويروى بأن الخليفة عمر بن الخطاب كان قد استعمله على حوران، فتوجه إليها، وأقام فيها، وبينما هو في حوران أراد الحطيئة أن يمدحه بقصيدة، فخرج إليه، ولكن قبل أن يصل إليه توفي علقمة بن علاثة، فأنشد الحطيئة قائلًا:
فَما كانَ بَيني لَو لَقيتُكَ سالِماً
وَبَينَ الغِنى إِلّا لَيالٍ قَلائِلُ
يتألم الحطيئة على حظه الأعثر، حيث أنه لم يكن بينه وبين علقمة بن علاثة سوى بضعة ليالي، ولو أنه قد بكر قليلًا للقيه، وأصاب منه مالًا كثيرًا.
لَعَمرِي لَنِعمَ المَرءُ مِن آلِ جَعفَرٍ
بِحَورانَ أَمسى أَعلَقَتهُ الحَبائِلُ
لَقَد غادَرَت حَزماً وَبِرّاً وَنائِلاً
وَلُبّاً أَصيلاً خالَفَتهُ المَجاهِلُ
وَقِدراً إِذا ما أَنفَضَ القَومُ أَوفَضَت
إِلى نارِها سَعياً إِلَيها الأَرامِلُ
لَعَمري لَنِعمَ المَرءُ لا واهِنُ القُوى
وَلا هُوَ لِلمَولى عَلى الدَهرِ خاذِلُ
لَعَمري لَنِعمَ المَرءُ إِن عَيَّ قائِلٌ
عَنِ القيلِ أَو أَدنى عَنِ الفِعلِ فاعِلُ
لَعَمري لَنِعمَ المَرءُ لا مُتَهاوِنٌ
عَنِ السورَةِ العُليا وَلا مُتَخاذِلُ
تَكادُ يَداهُ تُسلِمانِ رِدائَهُ
مِنَ الجودِ لَمّا اِستَقبَلَتهُ الشَمائِلُ
يَداكَ خَليجُ البَحرِ إِحداهُما دَماً
تَفيضُ وَأُخرى فِعلُ حَزمٍ وَنائِلُ
الخلاصة من قصة القصيدة: استعمل الخليفة عمر بن الخطاب علقمة بن علاثة على حوران، فأقام فيها، وبينما هو فيها، قصده الحطيئة لكي يمدحه بقصيدة، ولكنه توفي قبل أن يصل إليه، فأنشد الحطيئة في ذلك شعرًا.