نقص عليكم اليوم خبر يوسف بن هارون الرمادي وجارية رآها في يوم فابتلي بحبها.
من هو يوسف بن هارون الرمادي؟
هو أبو عمر يوسف بن هارون الرمادي الكندي، شاعر من شعراء الأندلس.
قصة قصيدة قالوا اصطبر وهو شيء لست أعرفه
أما عن مناسبة قصيدة “قالوا اصطبر وهو شيء لست أعرفه” فيروى بأن يوسف بن هارون الرمادي وبينما هو يسير في شوارع قرطبة في يوم من الأيام مر من منطقة يقال لها باب العطارين، وكان هذا المكان هو مجتمع للنساء، ورأى جارية هنالك، وكانت هذه الجارية شديدة الجمال، فتخلل خبها في قلبه، فجلس ينظر إليها، وعندما قامت وانصرفت، لحق بها، وأخذ يتبعها، وهي في طريقها نحو القنطرة.
وبينما هي تسير انتبهت إليه وهو يسير خلفها، فأوقفته، وقالت له: مالك تمشي ورائي؟، فأخبرها بأنه قد ابتلي بحبها منذ لحظة رؤيته لها، فقالت له: يا أخي دع عنك هذا، ولا تفضحني، فلا يوجد لك مطمع في النية، ولا يوجد سبيل إلى ما تطلب، فقال لها: إني أكتفي بالنظر، فقالت له: إن النظر مباح لك، فقال لها: هل أنت حرة أم مملوكة، فقالت له: لا بل مملوكة، فقال لها: وما هو اسمك؟ فقالت له: اسمي خلوة، فقال لها: ومن هو مالكك؟، فقالت له: علمك ما في أقصى الأرض أقرب لك مما تسأل عنه، فدع عنك المستحيل، فقال لها: وأين أراك بعد الآن؟، فقالت له: في المكان الذي رأيتني فيه اليوم، وفي نفس الساعة من كل يوم جمعة؟
ومن ثم قالت له: إما أن تنصرف أنت، وإما أن أنصرف أنا، ونهضت وغادرت، ولم يتمكن من اللحاق بها، فلازم الموضع الذي رآها فيه في نفس الموعد من كل جمعة، ولكنه لم يراها بعد ذلك أبدًا، فأنشد في خبر ذلك قائلًا:
قالوا اصطبر وَهوَ شَيءٌ لَستُ أَعرفُهُ
مَن لَيسَ يعرفُ صَبراً كَيفَ يصطَبرُ
يقول الشاعر في هذا البيت بأن الناس قد سألوه أن يصبر، ولكنه لا يعرف ما هو الصبر، ويتساءل كيف يصبر من لا يعرف ما هو الصبر.
أوصى الخليّ بِأَن يَغضي المُلاحِظُ عَن
غُرِّ الوُجوهِ فَفي إِهمالِها غررُ
وَفاتنِ الحُسنِ قتَّالِ الهَوى نَظرت
عَيني إِلَيهِ فَكانَ المَوت وَالنَّظرُ
ثُمَ اِنتَصَرتَ بِعَيني وَهيَ قاتِلَتي
ماذا تُريدُ بِقَتلي حينَ تَنتَصِرُ
يا شُقَّةَ النَّفس وَاصِلها بِشُقَّتها
فَإِنَّما أَنفسُ الأَعداءِ تَهتَجِرُ
ظَلَمتَني ثم إِني جئت مُعتَذِراً
يَكفيكَ أَنِّيَ مَظلومٌ وَمُعتذِرُ
الخلاصة من قصة القصيدة: رأى يوسف بن مروان في يوم جارية، فأحبها وتبعها، وعندما رأته يلحق بها أوقفته، وسألته عن سبب لحاقه بها، فأخبرها بأنه قد أحبها، وسألها عددًا من الأسئلة.