قصة قصيدة قد استوجب في الحكم
أمّا عن مناسبة قصيدة “قد استوجب في الحكم” فيروى بأنه كان للخليفة العباسي المهدي صديق يقال له سليمان بن المختار، وكان سليمان بن المختار من أهل البصرة، وكان له لحية كبيرة جدًا، حتى أن طولها كان مفرطًا، وفي يوم من الأيام خرج سليمان مع الخليفة في رحلة، وبينما هم في الرحلة وقفوا لكي يستريحوا، وبعد أن أنهوا استراحتهم أرادوا أن يركبوا العربات، وعندما أراد سليمان أن يركب العربة، سقطت لحيته تحت أقدامه، وفي تلك اللحظة تحركت الأحصنة، فداست العربة على لحيته، وتقطعت إلى قطع صغيرة، ووصل خبر تلك القصة إلى شاعر يقال له آدم بن عبد العزيز، فأنشد فيها أبياتًا ظريفة من الشعر قال فيها:
قد استوجب في الحكم
سليمان بن مختار
بما طول من لحيته
جزا بمنشار
أو السيف أو الحلق
أو التحريق بالنار
فقد صار بها أشهر
من راية بيطار
وانتشرت هذه الأبيات بين الناس، وأخذوا يرددونها، حتى اشتهرت ووصلت إلى مسامع الخليفة المهدي، فضحك من شدة طرافتها، ولكن كان هنالك رجل في مجلس الخليفة يقال له أسيد بن أسيد، وكان لأسيد بن أسيد لحية طويلة كلحية سليمان بن المختار، وبسبب ذلك لم تعجبه قصيدة آدم، فأبدى ضجرًا وامتعاضًا منها، ومن ثم قال للخليفة: يا مولاي، ينبغي عليك أن تأمر هذا الرجل بأن يكف عن الناس، وعندما وصل خبر ذلك إلى آدم، أنشد قائلًا:
لحية تمت وطالت
لأسيد بن أسيد
كشراع من عباء
قطعت حبل الوريد
يعجب الناظر منها
من قريب أو بعيد
هي إن زادت قليلا
قطعت حبل الوريد
نبذة عن آدم بن عبد العزيز
آدم بن عبد العزيز هو آدم بن عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب، وهو أحد الرجال القلائل الذين بقوا من أمراء بني أمية، فقد نجا من مذبحة أبو العباس السفاح، وكان ذلك لأن جده هو الخليفة عمر بن عبد العزيز.
يعتبر آدم بن عبد العزيز شاعرًا مخضرمًا، أدرك كلًا من العصر الأموي والعصر العباسي الأول.