قصة قصيدة قد رابني من دلوي اضطرابها
أمّا عن مناسبة قصيدة “قد رابني من دلوي اضطرابها” فيروى بأن خلافًا قد دار بين العلماء والباحثين عن أول رجل قال الشعر من العرب، ولا يزال هذا الخلاف حتى أيامنا هذه، ومن هؤلاء من نسب أبياتًا من الشعر إلى سيدنا آدم عليه السلام، على الرغم من اعتقاد الأغلبية بأن نسبها إليه ما هي إلا أساطير، وقد قيل بأن أولهم هو قحطان بن يعرب، ولكن لم يرد عنه شيئًا من الشعر.
وهنالك آراء بأن أول من قال الشعر هم شعراء من أقوام العمالقة وعاد وثمود، كما قيل بأن أول من قال الشعر هو معاوية بن بكر بن الحبتر، وهو رجل يعود نسبه إلى سام بن نوح.
وكان من بين الباحثين من قال بأن عدي بن ربيعة هو أول من قال الشعر، وكان من بينهم الفرزدق والأصمعي، حيث قال الأصمعي بأن أول رجل في العرب يروى له قصيدة تزيد أبياتها عن الثلاثين بيتًا هو عدي بن ربيعة، ومن بعده ذؤيب بن كعب التميمي، ومن بعده رجل من قبيلة كنانة يقال له ضمرة.
وقال بعضهم بأن القصائد قد أصبحت طويلة في عهد هاشم بن عبد مناف، مما ينفي أن عاد وثمود وغيرهم من الأقوام الداثرة قد قالوا الشعر، ولكنهم لم يستطيعوا إيجاد أول من طول الشعر، على الرغم من أن معظم العلماء قد اتفقوا على أن عدي بن ربيعة هو أول من أنشد القصائد الطويلة.
ولكن الرأي الغالب على بقية الآراء، والذي اجتمع عليه العديد من الباحثين هو أن أول من قال الشعر هو العنبر بن عمرو التميمي، على الرغم من اعتقادهم من أن هنالك من سبقه إلى ذلك، ولكن لم تصل إليهم أي من أشعارهم، ويعتقد بأن أبيات الرجز التي أنشدها عندما جاور قوم، وبعد أيام من مجاورته إياهم دخل في قلبه شك واضطراب نحوهم، وفي هذه القصيدة قال:
قَد رابَني مِن دَلوِيَ اِضطِرابُها
وَالنَأيُ في بَهراءَ وَاِغتِرابُها
إِن لا تِجِئ مَلأى يَجِئ قِرابُها
نبذة عن العنبر الخضم
هو العنبر بن عمرو بن تميم، وهو من شعراء العصر الجاهلي، وردت له أبيات قيل بأنها من قديم الشعر الصحيح.