قصة قصيدة قد علمت خيبر أني زبار
أمّا عن مناسبة قصيدة “قد علمت خيبر أني زبار” فيروى بأن رجال من الذين أسلموا من بني سهم قدموا إلى رسول الله صل الله عليه وسلم، ودخلوا عليه، وقالوا له: يا رسول الله، والله إنا قد جهدنا ولكن ليس بأيدينا شيء، ولكن الرسول لم يكن عنده شيء يعطيه لهم، فقال: اللهم إنك قد عرفت حالهم، وأن ليست بهم قوة، وأن ليس بيدي شيء أعطيهم إياه، فافتح عليهم أعظم حصونها، وأكثرها طعامًا، ومن ثم خرج الجماعة من عنده، ففتح اللهم لهم حصن الصعب بن معاذ، ولم يكن بخيبر حصن أكثر من هذا الحصن طعامًا.
وعندما تفتتح الرسول صل الله عليه وسلم الحصون، وحاز على أموالهم، دخلوا إلى حصنهم، وكان حصن الصعب بن معاذ آخر حصون خيبر افتتح، وقد قام الرسول صل الله عليه وسلم بمحاصرتهم أكثر من عشرة أيام، وفي يوم خرج من الحصن رجل يهودي يقال له مرحب، وهو يحمل سلاحه، وينشد قائلًا:
قد علمت خيبر أني مرحب
شاكي السلاح بطل مجرب
أطعن أحيانًا وحينًا أضرب
إذا الليوث أقبلت تحرب
كان حماي، للحمى لا يقرب
ومن ثم قال: هل من مبارز، فقال رسول الله لمن كان معه: من لهذا؟، فقام رجل يقال له محمد بن مسلمة، وقال للرسول: أنا لها، فإنهم قد قتلوا أخي يوم البارحة، فقال له الرسول: قم إليه، اللهم أعنه عليه، فقام محمد بن مسلمة إليه، واقترب الرجلان من بعضهما البعض، وقام بينهما قتال، وبينهما شجرة، فجعل كل واحد منهما يلوذ بالشجرة عن الرجل الآخر، وكلما اختبأ رجل منهما بالشجرة، ضرب الآخر الشجرة، وقطع منها، حتى لم يبقى شيء من الشجرة، وضرب اليهودي محمد، فاتقى الضربة بدرعه، وضربه بسيفه فقتله، فخرج أخوه ياسر، وهو ينشد قائلًا:
قد علمت خيبر أني ياسر
شاكي السلاح بطل مغاور
إذا الليوث أقبلت تبادر
وأحجمت عن صولتي المغاور
إن حماي فيه موت حاضر
فخرج له الزبير بن عوام وهو يقول:
قد علمت خيبر أني زبار
قرم لقوم غير نكس فرار
ابن حماة المجد وأبن الأخيار
ياسر لا يغررك جمع الكفار
فجمعهم مثل السراب الجرار
وقاتله حتى قتله.
نبذة عن الزبير بن عوام
هو الزبير بن العوام بن خويلد الأسدي القرشي، الصحابي الشجاع، أحد العشرة المبشرين بالجنة، وأول من سلَّ سيفه في الإسلام.