قصة قصيدة قضت وطرا من دير سعد وربما
أمّا عن مناسبة قصيدة “قضت وطرا من دير سعد وربما” فيروى بأن عقيل بن علقمة المري خرج في يوم من الأيام من قومه، وكان معه ولداه جثامة وعلفة، وكانت معه أيضًا ابنته الجرياء، وكان خروجهم إلى الشام إلى قوم بني مروان، وكانت ابنته متزوجة من رجل منهم، فأخذوها وتوجهوا عائدين إلى قومهم، وبينما هم في طريق العودة، أخذ عقيل ينشد قائلًا:
قضت وطراً من دير سعدٍ وربما
على عرضٍ ناطحنه بالجماجم
إذا هبطت أرضاً يموت غرابها
بها عطشاً أعطينهم بالخزائم
ثم التفت إلى ابنه علفة، وقال له: أجز يا بني، فأنشد علفة قائلًا:
إذا علم غادرنه بتنوفةٍ
تذارعن بالأيدي لآخر طاسم
ثم التفت إلى ابنه جثامة، وقال له: أجز يا بني، فأنشد جثامة قائلًا:
وأصبحن بالموماة يحملن فتيةً
نشاوى من الإدلاج ميل العمائم
ثم التفت إلى ابنته جرباء، وقال لها: أجيزي يا بنيتي، فقالت له: وأنا آمنة يا أبي، فقال لها: نعم، فأنشدت جرباء قائلة:
كأن الكرى سقاهم صرخديةً
عقاراً تمشت في المطا والقوائم
فقال لها والدها: لقد شربتها ورب الكعبة، والله لو أني لم أعطيك الأمان لضربت لك عنقك، أولم تجدي من الكلام سوى هذا، فقال له ابنه جثامة: وهل أخطأت يا أبي؟، إنها قد أجازت البيت الذي قلته، فأمسك عقيل بسهمه، ورما ابنه جثامة، فأصاب السهم ساقه، وأصاب حصانه، فنزل وربط عليها، وقال له: والله لو أن بني مرة لن يعيروني بأني قد قتلت ابني، فلن تذوق الحياة بعد هذا، ومن ثم أكملوا المسير نحو قومهم، وقبل أن يصل إلى قومه، ترك ابنه جثامة وهو ينزف، وترك عنده إبله، وقال لابنته: إن أخبرت القوم بخبر جثامة، وإن لم تقولي لهم بأن الطاعون قد أصابه، فسوف أقتلك، ودخل إلى القوم.
وعندما دخلوا إلى القوم، ندم عقيل على ما فعل، وقال للقوم، هل لكم بإبل انكسرت، فقالوا له: نعم، فأخبرهم بأن يتبعوا أثر الرواحل، حتى يجدوها، فخرجوا، وتتبعوا أثر الرواحل، حتى وجدوا ابنه جثامة، فحملوه وأعادوه إلى القوم، وعالجوه حتى شفي، ومن ثم بعثوا به إلى عد أبيه، وعندما اقترب من بيت أبيه، أنشد قائلًا:
أيعذر لاهينا ويلحين في الصبا
وما هن والفتيان الاشقائق
نبذة عن عقيل بن علقمة المري
هو عقيل بن علفة المري، وهو أحد شعراء العصر الأموي، وقد اشتهر بتكبره، ولم يكن يرى أحد كفئًا له.