قصة قصيدة قيامي للعزيـز علي فرض
أمّا عن مناسبة قصيدة “قيامي للعزيـز علي فرض” فيروى بأنه في يوم من الأيام كان الصحابة جالسون، وكان من بينهم الصحابي حسان بن ثابت، وبينما هم جالسون نظر حسان بن ثابت فرأى الرسول صل الله عليه وسلم آت من بعيد، وكان كأنه الشمس، وعندما اقترب الرسول عليه أفضل الصلاة والتسليم، وقفوا جميعهم احترامًا له، وتقديرًا منهم لهيبته، وعندما رآهم الرسول واقفين، قال لهم بأن يجلسوا، ومن ثم قال: “مَن سرَّهُ أن يتمثَّلَ لَهُ الرِّجالُ قيامًا فَليتَبوَّأ مَقعدَهُ منَ النَّارِ”، فلا يوجد ما يحرم أن يقف أحد لآخر احترامًا له، ولكن الرسول أراد أن يحذر من أن ذلك قد يؤدي إلى أن يحب الرجل في نفسه أن يقف الآخرون له، وأن يوقروه.
وعندما سمع الصحابة ما قال الرسول صل الله عليه وسلم، جلسوا جميعهم، امتثالًا منهم لأمره، ولكن الصحابي حسان بن ثابت لم يجلس، وبقي واقفًا، وعندما رآه الرسول صل الله عليه وسلم واقفًا لم يجلس، قال له: ” يا حسان، ما منعك أن تجلس حيث أمرتكم؟”، فأنشد حسان بن ثابت قائلًا:
قيامي للعزيـز علي فرض
وترك الفرض ما هو مستقيم
عجبت لمن له عقل وفهم
يرى هذا الجمـال فلا يقوم
فابتسم الرسول صل الله عليه وسلم، وأقر ما فعل الصحابي حسان بن ثابت، ولا عجب أن يصدر هذا الفعل من الصحابي حسان مثل هذا الكلام نحو الرسول، وهو من قال:
وَأَحسَنُ مِنكَ لَم تَرَ قَطُّ عَيني
وَأَجمَلُ مِنكَ لَم تَلِدِ النِساءُ
خُلِقتَ مُبَرَّءً مِن كُلِّ عَيبٍ
كَأَنَّكَ قَد خُلِقتَ كَما تَشاءُ
نبذة عن حسان بن ثابت
هو أبو الوليد حسان بن ثابت بن المنذر الخزرجي الأنصاري، وهو صحابي جليل من أنصار رسول الله صل الله عليه وسلم، من قبيلة الخزرج، التي انتقلت من اليمن إلى المدينة المنورة بالقرب من قبيلة الأوس، ولد في عام خمسون قبل الهجرة في المدينة المنورة، وكان من عائلة صاحبة نسب وشرف، كان ينشد الشعر في العصر الجاهلي، فكان يدخل على ملوك الغساسنة ويمدحهم، ولكن بعد أن أسلم أصبح شاعر الرسول، وكان يمدح الرسول في شعره.