قصة قصيدة كأن غلامي إذ علا حال متنه
أمّا عن مناسبة قصيدة “كأن غلامي إذ علا حال متنه” فيروى بأنه في يوم من الأيام قرر امرؤ القيس أن يخرج إلى الصيد، هو وجماعة من رفاقه، فخطط الجمع للخروج، وبالفعل خرج الرفاق في اليوم التالي إلى الصحراء، وأخذ القوم يصطادون ما يرون أمامهم، وبينما هم يصطادون اصطاد امرؤ القيس أرنبًا، وفي المساء أخذ القوم يعدون العشاء، وكان من بين ما أعدوا الأرنب الذي اصطاده امرؤ القيس، وهم يلهون ويمرحون، فأنشد امرؤ القيس قائلًا:
كَأَنَّ غُلامي إِذ عَلا حالَ مَتنِهِ
عَلى ظَهرِ بازٍ في السَماءِ مُحَلِّقِ
رَأى أَرنَباً فَاِنقَضَّ يَهوي أَمامَهُ
إِلَيها وَجَلّاها بِطَرفٍ مُلَقلَقِ
فَقُلتُ لَهُ صَوِّب وَلا تُجهِدَنَّهُ
فَيَذرُكَ مِن أَعلى القَطاةِ فَتُزلَقِ
فَأَدبَرنَ كَالجَذعِ المُفَصَّلِ بَينَهُ
بِجيدِ الغُلامِ ذي القَميصِ المُطَوَّقِ
وَأَدرَكَهُنَّ ثانِياً مِن عِنانِهِ
كَغَيثِ العَشِيِّ الأَقهَبِ المُتَوَدِّقِ
فَصادَ لَنا عيراً وَثَوراً وَخاضِب
عِداءً وَلَم يَنضَح بِماءٍ فَيَعرَقِ
وَظَلَّ غُلامي يَضجَعُ الرُمحَ حَولَهُ
لِكُلِّ مَهاةٍ أَو لِأَحقَبَ سَهوَقِ
وَقامَ طِوالَ الشَخصِ إِذ يَخضِبونَهُ
قِيامَ العَزيزِ الفارِسِيِّ المُنَطَّقِ
فَقُلنا أَلا قَد كانَ صَيدٌ لِقانِصٍ
فَخِبّوا عَلَينا كُلَّ بَيتٍ مُزَوَّقِ
وقال أيضًا:
وَظَلَّ صِحابي يَشتَوُونَ بِنِعمَةٍ
يَصُفّونَ غاراً بِاللَكيكِ المُوَشَّقِ
وَرُحنا كَأَنَّ مِن جُؤاثى عَشِيَّةٌ
نُعالي النِعاجَ بَينَ عِدلٍ وَمُشنَقِ
وَرُحنا بِكَاِبنِ الماءِ يُجنَبُ وَسطَن
تُصَوَّبُ فيهِ العَينُ طَوراً وَتَرتَقي
وَأَصبَحَ ذَهلولاً يُزِلُّ غُلامَن
كَفِدحِ النَضِيِّ بِاليَدَينِ المُفَوَّقِ
كَأَنَّ دِماءَ الهادِياتِ بِنَحرِهِ
عُصارَةَ حِنّاءٍ بِشَيبٍ مُفَرَّقِ
نبذة عن امرؤ القيس
هو جندح بن حجر بن الحارث الكندي، لقب بامرئ القيس، ولد في عام خمسمائة ميلادي في قبيلة كندة في نجد في الجزيرة العربية، وهو من الشعراء العربيين ذوي المكانة الرفيعة، وهو من شعراء العصر الجاهلي، وهو واحد من أبرز الشعراء العرب على مر التاريخ، ويعده الكثير رأس الشعراء.
تعلم الشعر منذ كان غلامًا صغيرًا، وعندما كبر أصبح ينظم الشعر في النساء، وكان شعره فيهنّ خليعًا، وخالط الصعاليك، وكان والده ينهاه عن ذلك، ولكنه لم يرتدع، فنفاه أباه إلى موطن قبيلته في حضرموت في اليمن، وأمضى هنالك خمسة أعوام، حتى قتل أباه، فعاد إلى نجد لكي يأخذ بثأره.
توفي في عام خمسمائة وأربعون ميلادي في أنقرة.