ما لا تعرف عن قصة قصيدة “كم من عهود عذبة”:
أمَّا عن قصة قصيدة “كم من عهود عذبة” كتب أبو قاسم الشابي هذه القصيدة لأنَّه كان يحب مرحلة الطفولة بما فيها من أشياء جميلة ويعبر أيضاً فيها عن حياة الأطفال لأنهم لا يفكرون بهموم الحياة ولا بمشاقها فكان همهم الوحيد هو اللعب واللهو وقضاء أوقات مع أطفال بعمرهم.
هذه الأبيات تبين أنَّ الفترة التي عاشها الشاعر هي أجمل وأحلى وأحب وأروع مرحلة في هذه الدنيا فبهذه القصيدة يعبر عن مشاعره بالألفاظ السهلة والممتعة والقريبة للقلب وهذه القصيدة كانت لها الأثر الأكبر في شعره لأنه يستعيد فيها ذكرياته إلى هذا اليوم.
إنّ أبا القاسم الشابي في قصيدة “كم من عهود عذبة” فقد نظم هذه الأبيات بطريقة جميلة وإبداعيّة كما عُرف عنه أنّ أسلوبه بالشعر أسلوب موسيقى تلامس مشاعر الإنسان وتطرب الأذان لحنن وتثير عنده مشاعر، فهذه القصيدة تجمع بين المعاني العميقة والألفاظ السهلة وهذه الألفاظ فيها معانٍ صادقة ورائعة.
كمْ مِنْ عُهودٍ عذبةٍ
في عَدْوَةِ الوادي النَّضيرِ
ففي مطلع القصيدة يتخذ أبا قاسم الشابي كثير من العهود وهي عهود الطفولة التي كانت له الوادي الأخضر الذي يشعر فيه بالراحة والجمال والرونق.
كانتْ أرقُّ من الزُّهورِ
ومِنْ أَغاريدِ الطُّيورْ
ويذكر في هذا البيت عهود الطفولة التي كانت عنده أنعم من الزهور وأرقها وأيضاً كانت أعذب من صوت العصافير في الصباح وهنا في هذا البيت يفضل حياة الطفولة على رقة الورد وصوت العصافير.
وأَلذَّ مِنْ سِحْرِ الصِّبا
في بَسْمَةِ الطِّفلِ الغَريرْ
ويكمل في هذا البيت عن وصف حياة الطفولة ويقول أنها كانت جميلة وممتعة وطيبة فتلك الأيام لا تعوض.
أَيَّامَ كانتْ للحياةِ
حلاوَةُ الرَّوضِ المَطيرْ
وهنا يتابع أبو قاسم الشابي حدثه عن الحياة الطفولة ويقول أنها أيام لا نعرف فيها سوى اللعب والسعادة والفرح والمرح فلا نعرف عن هموم الحياة ومشاقها وأتعابها.
وطَهَارَةُ الموتِ الجميلِ
وسِحْرُ شَاطئهِ المُنيرْ
وَوَداعَةُ العُصفورِ بَيْنَ
جداولِ الماءِ النَّميرْ
أَيَّامَ لم نعْرِفْ منَ الدُّنيا
سوَى مَرَحِ السُّرورْ
وتَتَبُّعِ النَّحْلِ الأَنيقِ
وقَطْفِ تِيجانِ الزُّهورْ
وبناءِ أَكواخِ الطُّفولَةِ
تحتَ أَعشاشِ الطُّيورْ
هنا يصف الشاعر أبا القاسم الشابي كيف كانت أيام الطفولة عنده وكيف كان يعلب مع أصدقائه بأنهم كانوا يبنو الأكواخ الصغيرة تحت منازل العصافير.
مسقوفةً بالوَردِ والأَعْشابِ
والوَرَقِ النَّضيرْ
ونَظَلُّ نَرْكُضُ خلفَ
أَسرابِ الفَراشِ المُسْتَطيرْ
نشدو ونرقصُ كالبلابلِ
للحياةِ وللحُبورْ
ونَظَلُّ ننثُرُ للفضاءِ
الرَّحْبِ والنَّهرِ الكبيرْ
لا نَسْأَمُ اللَّهْوَ الجميلَ
وليس يُدْرِكُنا الفُتُورْ
وهنا في هذا البيت ينهي وصف الأيام التي كانت مليئة بالسرور والمرح واللعب ويقول أنَّ مع كل هذا اللعب لا نتعب ولا نمل فهو بالنسبة لها جميل وممتع ومحبب لنا ويقول مهما لعبنا لا نشعر بالتعب أو الملل.