قصة قصيدة لا يدخل البيت إلا ذو مخاطرة

اقرأ في هذا المقال


قصة قصيدة لا يدخل البيت إلا ذو مخاطرة:

أمّا عن مناسبة قصيدة “لا يدخل البيت إلا ذو مخاطرة” فيروى بأنه كان هنالك رجل من قبيلة عاد، ويدعى الهميسع بن بكر، وكان الهميسع رجلًا شجاعًا لا يخاف من شيء ولا من أحد، وكان من شدة شجاعته لا يترك كهفًا في اليمن إلا ويدخله، خاصة إذا سمع بأن هذا الكهف مخيف، لا يقوى على دخوله أحد، وفي يوم أتاه رجلان وقالا له: نريدك أن تأتي معنا إلى كهف، فخرج معهما حتى وصلوا إلى كهف على قمة أحد الجبال، وعندما وقفوا على بابه سمعوا صوتًا عظيمًا يأتي من داخله، فدخل قلوبهم خوف عظيم، فاقترب هميسع إلى الباب، وإذ ببيتين من الشعر منقوشين عليه، وهما:


لا يدخل البيت إلا ذو مخاطرة
أو جاهل بدخول الكهف مغرور

إن الذي عنده الآجال حاضرة
موكل بالذي يغشاه مأمور

وعنما قرأوا البيتين، فر أحد الرجلان هاربًا، فقال الهميسع للآخر: أتدخل معي إلى داخل هذا الكهف، فقال له الرجل: نعم، فدخلا الكهف وأخذا يمشيان، وبينما هما يمشيان كان هنالك صوت أفاعي من على يمينهم ويسارهم، ورياح تأتيهم من داخل الكهف، وعاد نفس الصوت العظيم الذي سمعاه وهما خارج الكهف، ولكنهما استمرا في المسير حتى وصلا إلى باب آخر، أكبر من الباب الأول، وكان مكتوب عليه:

انظر لرحلك لا يساق فإنّه
حتم الحمام إلى العرين يساق

يا ساكني جبلي شمام لعله
يوفي بما أجنبتما الميثاق

قوموا إلى الإنسي أن محله
يدعو إلى يوم الفراق فراق


وعندها ولى الرجل الآخر هاربًا، وبقي الهميسع لوحده، وقد تملك الخوف منه، وأراد أن يهرب، ولكنّه تحامل على نفسه واستمر في المسير حتى وصل إلى باب أكبر من كلا البابين الذين قبله، وكان مكتوب عليه:

قد كان فيما قد مضى واعظ
لنفسك البينة المسمعه

إن جهل الجاهل ما قد آتى
وكان حيناً قلبه في دعه

فدخل منه، وسمع صوتًا كان كالرعد، فوقف في مكانه من شدة الصوت، وبينما هو كذلك خرج له تنين أحمر العينين، وعندما رآه عاد إلى الوراء، فهدأ التنين، فقال الهميسع في نفسه: لو أنّه حيوان للحق بي، ما هو إلا رصد، فعاد إليه، وتيقن من أنه ليس بحيوان، وبأنه يخرج الصوت العظيم إن وطأ مكانًا معينًا، فحفر في ها المكان ووجد سلسلة عليها بكرات، ولكن الظلام كان قد حل، فخرج من الكهف، وأضرم نارًا وبقي حتى الصباح.

وفي الصباح عاد للدخول إلى الكهف، وسار حتى وصل إلى التنين، وقام بقطع السلسة، فوقع التنين، فتوجه إليه، واقتلع عيناه، وإذ هما ياقوتتان، فأخذهما واستمر في المسير، حتى وصل إلى منزل كبير، فدخله، وإذ بوسط هذا البيت سرير من ذهب، عليه رجل وفوق رأسه لوح مكتوب عليه: لقد عشت خمسمائة عام،  وسقف المنزل مرصع بالياقوت، وكان هنالك لوح مكتوب تحته:


من ذاك يا شداد عاد أصبحت
آماله مهزومة الأقدام

يا من رآني إنني لك عبرة
من بعد ملك الدهر والأعوام

فكأنني ضيف ترحل مسرعاً
وكأنني حلم من الأحلام

احذر تصاريف الزمان وريبه
لا تأمنن حوادث الأيام

هلا يضرك من كلامي مرة
يا ساكن الغيضات والآجام

فأخذ الهميسع جميع ما في البيت وخرج.

حالة من كتب هذه الأبيات:

كانت حالة من كتب هذه الأبيات تهديد من يقرأها وتخويفه، لكي يمنع الناس من دخول الكهف.


شارك المقالة: