قصة قصيدة لذي الحلم قبل اليوم ما تقرع العصا:
أمّا عن مناسبة قصيدة “لذي الحلم قبل اليوم ما تقرع العصا” فيروى بأنّه كان هنالك رجلًا من قبيلة دوس يقال له عمرو بن حممة الدوسي، وقد كان عمرو سيدًا من أسياد قومه، وحكيمًا من حكماء العرب في ذلك الزمان، فقد كان عمرو من الرجال الذين تضرب لهم أكباد الإبل من كافة أرجاء الجزيرة العربية لكي يحكم بين الناس، ويعطيهم رأيه، ويستشيرونه بكافة أمورهم المهمة.
وبعدما توفي أباه حممة بن الحارث الدوسي، الذي كان قائد قبيلة دوس، استلم من بعده عمرو قيادة القبيلة، ولكن الغريب في أمر عمرو الدوسي بأنّه كان أحد المعمرين، فقد قيل بأنه عاش لما يزيد عن الثلاثمائة وتسعون عامًا، حتى أن حاجباه قد غطيا عينيه من الكبر، وعندما دخل عمرو في المائة الرابعة من عمره، أنشد قائلًا:
تَقولُ ابنتِي لَمَّا رأتْنِي كأَنَّنِي
سليمُ أفـاعٍ ليله غير مـودعِ
تَرَشَّفـتِ الأيَّامُ ماْءَكَ كُلَّـهُ
وقَدْ كُنتَ ميَّاداً كَغصْنٍ مُرَعْرَعِ
فَما السّقمُ أبلانِي ولكنْ تتابعتْ
علَيَّ سُنون مِن مصيفٍ ومربعِ
ثلاثُ مَئين مِن سِنينَ كَواملٍ
وهَا أنَا هَذا أرتَجِي مرَّ أربعِ
فأصبحتُ بين الفَخِّ والعشِّ ثاوياً
إذا رامَ تطياراً يُنطقُ له قَعِ
أُخَبِّرُ أخبارَ القرونِ التي مضتْ
ولا بُدَّ يوماً أنْ يُطار بمصرعِي
وعندما لاحظ العمرو الدوسري بأنه قد بدأ بفقدان شيئًا من حكمته، وذلك عندما حكم بين رجال أتوه وكان حكمه بينهم خاطئًا، أحضر ابنته وأجلسها، وقال لها: يا بنيتي، إن رأيتني في يوم أحكم حكمًا خاطئًا فاضربي بهذه العصا على الأرض لكي تنبهيني إلى ذلك لكي أرتدع، وبالفعل أصبحت ابنته تفعل ذلك كلما كان حكم أبيها خاطئًا، فقال الملتمس في خبر ذلك:
لذي الحلم قبل اليوم ما تقرع العصا
وما علم الإنسان إلا ليعلما
وقال ابن الرومي أيضًا:
لذي الحلم قبل اليوم ما تقرع العصا
وقد قالها من قبلي المتلمس
نبذة عن المتلمس:
هو جرير بن عبد المسيح الضبعي، وهو من أحد شعراء العصر الجاهلي، من قبيلة ضبيعة بن قيس بن ثعلبة، وهو خال الشاعر طرفة بن العبد.