قصة قصيدة لعمرك ما آسى حراض ابن أمه:
أمّا عن مناسبة قصيدة “لعمرك ما آسى حراض ابن أمه” فيروى بأن ثمامة بن المستنير السلمي كان من دهاة العرب، واشتهر ثمامة بكثر غزواته، وكان لا يغزو معه أحد إلا ويقتل، وبسبب ذلك لم يعد أحد يخرج معه إلى غزواته، فأصبح يخرج فيغزو وهو لوحده، وفي يوم توجه معاوية الجشمي إلى منزل ثمامة، ودخل عليه، وأخبره بأنه يريد أن يغزو معه، فأخبره ثمامة بأن الغزو معه شديد، وقال له: فهل أعطيك ما هو أفضل لك؟، فقال له معاوية: وما هو ذلك؟، فقال له ثمامة: أعطيك جزءًا من مالي، وتعود إلى ديارك، ولكن معاوية رفض، وأصر على أن يخرج معه في غزواته، فخرجا سوية، حتى وصلا إلى ديار بجيلة، وقررا أن يغزونها.
وفي تلك اللحظة التي أرادا فيها أن يدخلا إلى الديار، سمعا رجلًا على رأس الجل ينادي على أهل الحي بأعلى صوته، حتى اجتمع حوله جميع أهل الحي، وكان ثمامة ومعاوية بالقرب منهم يستمعون لهم، فقال الرجل لأهل الحي: لقد رأيت رجلان يدخلان إلى الديار، واعتقد بأنه ثمامة وصاحب له، فاحذروا، فقال ثمامة لمعاوية: هل رأيت من قبل رجل أثبت من هذا بصرًا؟، فقال له معاوية: لا والله، فقال ثمامة: اذهب، وأتني به، فخرج معاوية من الكهف، وتوجه إلى الحي، وعندما اقترب، دفن سيفه، ودخل، وسأل عن سيد الحي، فدلوه عليه، فدخل عليه، وقال له: إني رجل من جهينة، ومعي أبي، وأمي، وأختي، وأردنا الجوار لكم، فأجرنا، فأجاره، وقدم له بعضًا من التمر، فأكل، ثم قال له: أريدك أن تذهب معي إلى أبي، لكي يصدقني، فخرجا، حتى وصلا إلى المكان الذي دفن فيه السيف، فأخرجه، وقال له: والله إن لم تسر معي إلى حيث أريد، فلسوف أقطع لك رأسك، فانطلق معه، حتى أتيا الكهف.
ودخل معاوية بالرجل إلى الكهف، وأجلسه أمام ثمامة، فقال له: هل أنت ثمامة؟، فقال له: نعم، أنا هو، فقال: لقد حرت أهل الحي منك، ووقعت أنا في يدك، فقال له ثمامة: افد نفسك، فقال الرجل: لك مني سبعون ناقة، فأخبره ثمامة بأن يقطع له عهدًا بأن يجهزها لهما، حتى يمران به وهما عائدان، فعاهدهما، فخرجا، واستمرا في غزواتهما، وحصلا على الكثير من الأموال في هذه الغزوات، وعادا فأتيا الرجل، وأخذا منه السبعون ناقة، وتوجها نحو ديار ثمامة.
وفي الوقت الذي كانا فيه خارجين، أتى أخو معاوية الجشمي، إلى ديار ثمامة، وسأل عن أخاه، فأخبروه بأنه قد خرج معه في غزواته، وأخبروه بأن كل من خرج معه لا يعود إلا وهو مقتول، فتمهل حتى المساء ثم قام صوب أخو ثمامة وقتله، وهرب من الديار، وعندما عاد ثمامة على ناقته، ووصل إلى الحي، وجد أهل بيته يبكون، فسألهم عن سبب بكائهم، فأخبروه بأنّ أخا معاوية قد قتل أخاه، وأخبروه بالقصة، فأخبرهم بأن لا يخرجوا من الحي، وأن يكفوا عن البكاء، وأن لا يخبروا أحدًا بالخبر.
وخرج عائدًا إلى المكان الذي ترك فيه معاوية يريد أن يقتله، وعندما رآه معاوية، قال له: ما الذي أعادك؟، فقال له: لقد ذهبت إلى أهل بيتي، فوجدتهم سالمين، ولم أرد أن أتركك لوحدك، فعدت إليك، فقال له معاوية: لا والله، ليس هذا ما أعادك، فقال له ثمامة: نعم، لقد قتل أخوك أخي، فقال له معاوية: أعطني عهدًا أن لا تقتلني، فأشار له إلى ناقة كانت حامل، وقال له: أعطيتك عهدًا بأن لا أقتلك حتى تضع هذه الناقة مولودها، وتقاسما الإبل، وخرج معاوية إلى دياره.
ودخل معاوية إلى دياره، وذهب إلى أخيه، وعاب عليه ما فعل، وأقام حتى رأى الاقة تضع مولودها، فقال لأخيه: والله إن ثمامة ينظر إلى هذه الناقة، واتفق مع أخيه أن يتناوبا على الحراسة، وكان ثمامة ينتظر في الخارج، وعندما أتى دور حراضة أخو معاوية للحراسة، مكث قليلًا ثم نام، فدخل ثمامة على معاوية وضربه في السيف، ثم هرب معتقدًا بأنه قد مات، ولكنّه لم يمت، وخرج إلى باب البيت ومعه سيفه ينتظر ثمامة أن يعود، وعندما رأى ثمامة بأنه لم يمت، عاد إليه، ولكن معاوية تمكن منه وقتله، وقال دريد بن الصمة في خبر ذلك:
نبذة عن دريد بن الصمة:
هو دريد بن الصمة الجشمي البكري، شاعر من شعراء العصر الجاهلي، وفارس من قبيلة هوزان.