قصة قصيدة لقد أقام على بغداد ناعيها

اقرأ في هذا المقال


نقص عليكم اليوم شيئًا من تاريخ مدينة بغداد، ونصف لكم نهرها وجمالها، وما حصل لها على مر العصور من خراب وتدمير.

من هو أبو تمام؟

هو حبيب بن أوس بن الحارث الطائي، شاعر من شعراء العصر العباسي، ولد في حوران في سوريا، وتوفي في الموصل في العراق.

قصة قصيدة لقد أقام على بغداد ناعيها

أما عن مناسبة قصيدة “لقد أقام على بغداد ناعيها” فإن بغداد دار السلام لها قدر لا يوجد في أي مدينة أخرى، فقدرها شريف وفضلها منيف، فهي الدينة التي سكنها العديد من الخلفاء من بني عباس، فكانت مقرًا لهم، ومركز الدولة العباسية للعديد من السنين، وهي المدينة التي تعد مقرًا للعلماء، وهي بالإضافة إلى ما كانت عليه قبل أن تنحني لما حل بها من حوادث ونوائب الدهر، فهي كالطلل الدارس، أو أنها كتمثال الخيال الشاخص.

وإن تكلمنا عن حسن هذه المدينة الذي يستوجب الوقوف والغفلة والنظر، فعلينا أن نتكلم عن نهر دجلة الذي يمر فيها من مشرقها إلى مغربها، وهو كالمرآة التي تتجلى بين صفحتين، أو كالعقد المنتظم على عنق فتاة حسناء، فهو يرد هذه المدينة فلا تظمأ، والحسن بين هوائها ومائها ينشأ، وقد أنشد أبو تمام أبياتًا من الشعر يصف فيها مدينة بغداد بعد أن رأى ما آل إليه أمرها حيث أنشد قائلًا:

لَقَد أَقامَ عَلى بَغدادَ ناعيها
فَليَبكِها لِخَرابِ الدَهرِ باكيها

ينعى الشاعر أبو تمام مدينة بغداد، وما أصبحت عليه من بعد الخراب الذي حل بها، فيقول بأن ناعيها قد وقف أمامها ينعيها، وأن من يتفكر فيها فليبكي عليها.

كانَت عَلى ما بِها وَالحَربُ موقَدَةٌ
وَالنارُ تُطفِئُ حُسناً في نَواحيها

تُرجى لَها عَودَةٌ في الدَهرِ صالِحَةٌ
فَالآنَ أَضمَرَ مِنها اليَأسَ راجيها

مِثلَ العَجوزِ الَّتي وَلَّت شَبيبَتُها
وَبانَ عَنها كَمالٌ كانَ يُحظيها

لَزَّت بِها ضَرَّةٌ زَهراءُ واضِحَةٌ
كَالشَمسِ أَحسَنُ مِنها عِندَ رائيها

وفيها أنشد أحمد شوقي متغزلًا قائلًا:

دَع عَنكَ روما وَآثينا وَما حَوَتا
كُلُّ اليَواقيتِ في بَغدادَ وَالتُوَمِ

وَخَلِّ كِسرى وَإيواناً يَدِلُّ بِهِ
هَوىً عَلى أَثَرِ النيرانِ وَالأَيُمِ

وَاِترُك رَعمَسيسَ إِنَّ المُلكَ مَظهَرُهُ
في نَهضَةِ العَدلِ لا في نَهضَةِ الهَرَمِ

دارُ الشَرائِعِ روما كُلَّما ذُكِرَت
دارُ السَلامِ لَها أَلقَت يَدَ السَلَمِ

ما ضارَعَتها بَياناً عِندَ مُلتَأَمٍ
وَلا حَكَتها قَضاءً عِندَ مُختَصَمِ

وَلا اِحتَوَت في طِرازٍ مِن قَياصِرِها
عَلى رَشيدٍ وَمَأمونٍ وَمُعتَصِمِ

مَنِ الَّذينَ إِذا سارَت كَتائِبُهُم
تَصَرَّفوا بِحُدودِ الأَرضِ وَالتُخَمِ

وَيَجلِسونَ إِلى عِلمٍ وَمَعرِفَةٍ
فَلا يُدانَونَ في عَقلٍ وَلا فَهَمِ

يُطَأطِئُ العُلَماءُ الهامَ إِن نَبَسوا
مِن هَيبَةِ العِلمِ لا مِن هَيبَةِ الحُكُمِ

وَيُمطِرونَ فَما بِالأَرضِ مِن مَحَلٍ
وَلا بِمَن باتَ فَوقَ الأَرضِ مِن عُدُمِ

الخلاصة من قصة القصيدة: تعتبر مدينة بغداد واحدة من أعرق المدن في العالم، فهي مثوى الخلفاء، ومركز للعديد من الدول، ولكن الخراب قد حل بها على مر العصور، فلم تعد كما كانت.

المصدر: كتاب "رحلة ابن جبير" تأليف ابن جبير محمد بن أحمد بن جبير الكناني الأندلسيكتاب "تحفة النظار في غرائب الامصار وعجائب الأسفار" تأليف ابن بطوطةكتاب "الشوقيات: ديوان أمير الشعراء أحمد شوقي" حققه الدكتور عمر فاروق الطباع كتاب "البداية والنهاية" تأليف ابن كثير


شارك المقالة: