قصة قصيدة لقد باع شهر دينه بخريطة
أمّا عن مناسبة قصيدة “لقد باع شهر دينه بخريطة” فيروى بأن يزيد بن المهلب قد قام يومًا بمحاصرة جرجان، وبقي محاصرًا لها، حتى أعن صاحبها له، وقام بمصالحته على سبعمائة ألف درهم وأربعمائة ألف دينار، كما أعطوه مائتي ألف ثوب، وأربعمائة رجل، كما أصاب من غير هذه المدينة أموالًا كثيرة جدًا، وكان من بين ما حصل عليه تاج فيه عدد كبير من الجواهر، وفي يوم قال لجيشه: هل ترون أحدًا يزهد بمثل هذا؟ فقالوا له: لا والله، فقال لهم: والله إني أعرف رجلًا لو عرض عليه مثل هذا، وأكثر منه لرفضه زهدًا، فقالوا له: من هو؟، فقال لهم: اصبروا وسوف ترون، ومن ثم أمر بمحمد بن واسع، وكان وقتها في غزوة، وحينما أتاه، عرض عليه التاج، فقال له: لا حاجة لي به، فقال له يزيد: أقسمت عليك بأن تقوم بأخذه، فأخذه محمد مجبرًا، ومن ثم خرج من عنده.
فأمر يزيد أحدًا أن يقوم بتتبعه، وينظر ماذا سيفعل به، فلح به الرجل، وبينما هو في الطريق، مر برجل، فسأله أن يعطيه شيئًا من المال يعيل به نفسه، فأعطاه ذلك التاج، وأكمل مسيره، فعاد الرجل إلى يزيد وأخبره بخبر ما رآه، فبعث يزيد في طلب الرجل، وأخذ منه التاج، وعوضه عنه بمبلغ كبير من المال.
وفي يوم من الأيام دخل رجل إلى اليزيد بن مهلب، وأخبره بأن خازن خزائنه شهر بن حوشب قد أخذ من الخزائن خريطة فيها مائة دينار، فأمر بإحضاره، وعندما أتاه، قال له: هل أخذت المائة دينار، فقال له: نعم، فعلت، فقال له: هي لك، ثم أمر بالرجل الذي وشى به، وقام بشتمه، وفي خبر ذلك أنشد الحصين بن حمال، قائلًا:
لَقَدْ بَاعَ شَهْرٌ دِينَهُ بِخَرِيطَةٍ
فَمَنْ يَأْمَنُ الْقُرَّاءَ بَعْدَكَ يَا شَهْرُ
أَخَذْتَ بِهِ شَيْئًا طَفِيفًا وَبِعْتَهُ
مِنِ ابْنِ جونبوذان هذا هو الغدر
وقال مرة بن النخعي:
يَا ابْنَ الْمُهَلَّبِ مَا أَرَدْتَ إِلَى امْرِئٍ
لَوْلَاكَ كَانَ كَصَالِحِ الْقُرَّاءِ
نبذة عن الحصين بن حمال
الحصين بن حمال بن حبيب بن جابر بن مرابق، وهو شاعر من شعراء العصر الأموي.