قصة قصيدة لما التقينا كشفنا عن جماجمنا
أمّا عن مناسبة قصيدة “لما التقينا كشفنا عن جماجمنا” فيروى بأن ملك الفرس قد غضب من ملك الحيرة النعمان بن المنذر، وقرر قتله، وعندما وصل خبر ذلك إلى النعمان بن المنذر توجه إلى هانئ بن مسعود، وأمنه على أهله وماله وسلاحه، ومن ثم توجه إلى ملك الفرس، وسلم نفسه له، فقام ملك الفرس بسجنه ومن ثم قتله.
وبعد أن قتل ملك الفرس النعمان بن المنذر، بعث إلى هانئ بن مسعود برسول من عنده يطلب منه أن يسلم وديعة النعمان بن المنذر، ولكن هانئ رفض أن يسلمه إياها، فعاد الرسول وأخبر ملك الفرس بذلك، فغضب من هانئ وبني شيبان غضبًا شديدًا، وقرر أن يجهز جيشًا ويرسله إليهم، فأمر رجاله بأن يجهزوا جيشًا ضخمًا من أفضل فرسان الفرس، وبعث بهم إلى بني شيبان.
وعندما وصل الخبر إلى بني شيبان، بعثوا إلى بقية القبائل لكي يساندوهم في قتالهم ضد الفرس، فنصرهم كل من بكر ب وائل وتغلب وقضاعة وإياد والنمر بن قاسط، ووضع قائدًا على جيوشهم إياس الطائي، والتقى الجمعان في ذي القار، وهي ماء لقبيلة بكر بن وائل، وهو بالقرب من الكوفة في العراق، وتمكن العرب من الانتصار يومها، وكان انتصارهم عظيمًا، وفي خبر ذلك اليوم أنشد الأعشى وهو من قبيلة بكر بن وائل قائلًا:
لَمّا اِلتَقَينا كَشَفنا عَن جَماجِمِنا
لِيَعلَموا أَنَّنا بَكرٌ فَيَنصَرِفوا
قالوا البَقِيَّةَ وَالهِندِيُّ يَحصُدُهُم
وَلا بَقِيَّةَ إِلّا النارُ فَاِنكَشَفوا
هَل سَرَّ حِنقِطَ أَنَّ القَومَ صالَحَهُم
أَبو شُرَيحٍ وَلَم يوجَد لَهُ خَلَفُ
قَد آبَ جارَتَها الحَسناءَ قَيَّمُها
رَكضاً وَآبَ إِلَيها الثَكلُ وَالتَلَفُ
وَجُندُ كِسرى غَداةَ الحِنوِ صَبَّحَهُم
مِنّا كَتائِبُ تُزجي المَوتَ فَاِنصَرَفوا
جَحاجِحٌ وَبَنو مُلكٍ غَطارِفَةٌ
مِنَ الأَعاجِمِ في آذانِها النُطَفُ
إِذا أَمالوا إِلى النُشّابِ أَيدِيَهُم
مِلنا بِبيضٍ فَظَلَّ الهامُ يُختَطَفُ
وَخَيلُ بَكرٍ فَما تَنفَكُّ تَطحَنُهُم
حَتّى تَوَلّوا وَكادَ اليَومُ يَنتَصِفُ
لَو أَنَّ كُلَّ مَعَدٍّ كانَ شارَكَنا
في يَومِ ذي قارَ ما أَخطاهُمُ الشَرَفُ
لَمّا أَتَونا كَأَنَّ اللَيلَ يَقدُمُهُم
مُطَبِّقَ الأَرضَ يَغشاها بِهِم سَدَفُ
نبذة عن الأعشى
هو ميمون بن قيس بن جندل بن شراحيل بن عوف بن سعد بن ضبيعة، من شعراء العصر الجاهلي، وهو من أصحاب المعلقات.