قصة قصيدة لمن طلل بتيمات فجند
أمّا عن مناسبة قصيدة “لمن طلل بتيمات فجند” فيروى بأنه في يوم من الأيام وصل خبر قتل عمرو بن معد يكرب لفرسان قبيلة هوازن، وأسره العديد منهم إلى عنترة بن شداد، وعندها أقسم عنترة بأنه سوف يقوم بغزو عمرو بن معد في دياره القائمة في تثليث، ووصل خبر قسم عنترة بن شداد إلى عمرو بينما كان في مجلس مع رفاق له، فضحك ضحكًا شديدًا، وتعجب منه، واستنقص منه واحتقره في كلامه، ومن ثم أنشد أبياتًا بعث لها إلى عنترة بن شداد، قائلًا:
لمن طَلَلٌ بتَيماتٍ فجُندِ
كأنَّ عِراصَهُ تَوشيمُ بُردِ
ألا ما ضَرَّ أهلَكَ أن يقولوا
سُقيتَ الغَيثَ من بلدٍ وعهدِ
ودارٍ تَجدُلُ الذُلانَ عنها
مُكلَّلَةٍ بأَضيافٍ وَوَفدِ
إذا المِهيافُ ذو الإبلِ اجتَواها
وأَعرَضَ مِشيَةَ الجَمَلِ المُغِدِّ
سَدَدتُ فِراضَها لهمُ ببيتي
وبعضُهمُ بقُبَّته يُعَدّي
وأودٌ ناصري وبنو زُبَيدٍ
ومَن بالخَيفِ من حَكَمِ بنِ سَعدِ
لَعَمرُكَ لو تَجَرَّدَ من مُرادٍ
عَرانينٌ على دُهمٍ وَجُردِ
ومن عَنسٍ مُغامِرةٌ طَحونٌ
مُدَرَّبةٌ ومن عُلَةَ بنِ جَلدِ
وعندما وصلت القصيدة إلى عنترة بن شداد، ازداد غضبه، فخرج هو وجماعة من قومه إلى ديار عمرو، فلم يشعر القوم إلا وعنترة وفرسانه قد طلعوا عليهم، فخرج لهم القوم واقتتلوا قتالًا شديدًا، وبقي الجمعان يتقاتلان حتى فر فرسان بني عبس، وقام عنترة بحمايتهم بينما هم فارون، وهو ينادي عليهم لكي يعودوا للقتال، فلم يلبوا نداءه، ولحق عمرو بن معد بعنترة، وتقاتل الاثنان، حتى طعن عمرو عنترة، فسقط عن حصانه، وأخذه عمرو أسيرًا، وأدخله القبيلة وهو ذليل ، وأبقاه في الأسر زمنًا طويلًا، وأنشد عنترة بينما كان في الأسر، قائلًا:
لقد أنظرت لو أغنى ولكن
أبى القدر المتاح لكل نفس
فمن يك للردى أمسى رهيناً
وإن بعد المدى في يوم نحس
فما أبكي لما أمسيت فيه
من الغل الثقيل وطول حبسي
ولكني جزعت وقد تولى
وسلمني فوارس آل عبس
وولوا هاربين بكل وعر
وخيلهم تقام بكل بخس
فلما سمع عمرو شعر عنترة أطلق سراحه، وقال في ذلك:
لقد أَيقَنتَ عَنتَرَ أَنَّ حربي
على الأعداءِ مِلحاحٌ ثقيلة
غداةَ تُرِكتَ في قيدٍ أَسيراً
لدى عمروٍ ولم تنفعكَ حيله
تُنادي يا لَعَبسَ فما أجابوا
ولم تَثني صدورَهُمُ الوسيلة
وعبسٌ فوقَها طيرُ المنايا
ومُعضِلةٌ تَحُفُّ بها جليله
نبذة عن عمرو بن معد يكرب
هو أبو ثور عمرو بن معد يكرب الزبيدي المذحجي، فارس وشاعر في العصر الجاهلي، أدرك الإسلام، وأسلم.