قصة قصيدة لو حز بالسيف رأسي في مودتها
أمّا عن مناسبة قصيدة “لو حز بالسيف رأسي في مودتها” فيروى بأن الخليفة عبد الملك بن مروان طلب حضور جميع أبنائه، وهم الوليد وسليمان ومسلمة، وعندما أتوه ووقفوا بين يديه، طلب منهم قراءة القرآن، فقرأ ثلاثتهم، وأجادوه، ومن ثم طلب منهم أن ينشدوه الشعر، فأنشدوه، ولكن أحدًا منهم لم ينشد شعر الأعشى، فلامهم على ذلك، ومن ثم قال لهم: أريد من كل واحد منكم أن ينشدني أرق بيت قاله العرب، فبدأ الوليد، وأخذ ينشد قائلًا:
ما مركب وركوب الخيل يعجبني
كمركب بين دملوج وخلخال
فقال الخليفة: وهل يكون من الشعر أقبح من هذا؟، فأشار إلى سليمان، فأخذ سليمان ينشد قائلًا:
حبذا رجعها يديها إليها في
يدى درعها تحل الإزارا
فقال له الخليفة: لم تصب، ومن ثم أشار إلى مسلمة، فأخذ مسلمة ينشد قول امرئ القيس:
وَما ذَرَفَت عَيناكِ إِلّا لِتَضرِبي
بِسَهمَيكِ في أَعشارِ قَلبٍ مُقَتَّلِ
وَبَيضَةِ خِدرٍ لا يُرامُ خِباؤُه
تَمَتَّعتُ مِن لَهوٍ بِها غَيرَ مُعجَلِ
فقال له الخليفة: والله إن امرؤ القيس قد كذب، فإن كانت عيناها قد دمعت من شدة الشوق، فلن يبقى سوى اللقاء، وإن على العاشق أن يقتضي ممن يحب الجفاء، ويكسو ذلك بالمودة، ومن ثم قال: سوف أعطيكم ثلاثة أيام، ومن يأتيني بعد ذلك ببيت من الشعر أقبله، فسوف يكون له ما يطلب، فخرج ثلاثتهم من مجلسه، وفي اليوم التالي وبينما كان سليمان في السوق، مر بأعرابي وهو ينشد قائلًا:
لو حز بالسيف رأسي في مودتها
لمال يهوي سريعا نحوها رأسي
وعندما سمع سليمان هذا البيت من الأعرابي، علم بأنه البيت الذي سوف يعطيه ما يريد من والده، وأمر بالأعرابي، فتوجه إليه الجنود، واعتقلوه، ومن ثم توجه سليمان من فوره إلى مجلس والده، ودخل إليه، فقال له والده: هات، أسمعني ما عندك، فأخذ سليمان ينشد البيت، فقال له: أحسنت، ومن أين جئت بهذا البيت؟، فأخبره سليمان بخبر البيت، وخبر من قاله، فقال له والده: اطلب ما تشاء، ولا تنس ذلك الأعرابي، فقال له سليمان: إنك قد جعلت من الوليد وليًا لعهدك، وإني أريد أن أكون ولي العهد من بعده، فقال له والده: حسنًا لك ما تريد، وأمر له بمائة ألف درهم، فأعطاها سليمان للأعرابي، وأمر بإطلاق سراحه.
حالة الشاعر
كان الشاعر عندما أنشد هذه القصيدة هائمًا في عشق حبيبته، حتى أنه يتمنى لو أنه مات أن يسقط رأسه بين يديها.