قصة قصيدة ليس كشانئ إن سيل عرفا
أما عن مناسبة قصيدة “ليس كشانئ إن سيل عرفا” فيروى بأن أبا المخشي عاصم بن زيد كان شاعر الأندلس في زمانه، ولكنه كان خبيث اللسان، وكان يكثر من هجاء الناس، فلم يسلم أحد من لسانه، حتى أنه في يوم من الأيام قام بمدح رجل يقال له أبا أيوب، وكان أبو أيوب يلقب بالشامي، ببيت قال فيه:
ليس كشانئ إن سيل عرفاً
يـقـلب مقلة فيها اعورار
وأبو أيوب هو أخو هشام بن عبد الرحمن الداخل بن معاوية بن هشام بن عبد الملك بن مروان، وكان بينهوبين هشام تباعد مفرط، وكانا يكرهان بعضهما البعض، وكانت أحدى عيني هشام تحوي بقعة بيضاء، كالبقعة التي كانت في عين هشام بن عبد الملك بن مران، وكان ذلك سبب ذكر أبي المخشي للاعورار في البيت الذي أنشده، وعندما انتشر هذا البيت خاف أبو المخشي أن يعاقبه هشام بن عبد الرحمن، وعرض الأمر على أصحابه، فأشاروا عليه بأن يقوم بمدح هشام لعله يعفو عنه.
وتوجه أبو المخشي إلى مجلس هشام بن عبد الرحمن، ودخل عليه، وكان يومها يحارب بأمر من أبيه، وعندما وقف بين يديه، فقال له هشام: يا أبا المخشي، إنك قد هجوت العديد من النساء، بسبب عداوة بينك وبين أولادهن، وقد قمت بهتك سترهن، وجميع هؤلاء النسوة قد دعون عليك، وقد استجاب الله لدعائهن، فبعثك إلي، لكي أثأر وأنتقم لهن، وأمر رجاله أن يقطعوا له لسانه، ففعلوا، ولكن لسانه قد نبت من جديد بعد عام من ذلك، وعاد ليتكلم به.
وكان الإمام مالك رضي الله عنه يفتي بأن يقطع لسان من يقوم عمدًا بقطع لسان رجل آخر من دون تردد أو انتظار، ولكن عندما عرض عليه خبر أبي المخشي، وبأن لسانه قد عاد كما كان بعد عام من قطعه، وأنه كان قادرًا على الكلام بعد ذلك، أفتى بأن ينتظروا عامًا قبل أن يقطعوا له لسانه، وقال بأن السبب لذلك أنه قد ثبت عنده بأن رجلًا نبت لسانه بعد عام من قطعه.
نبذة عن عاصم بن زيد العبادي
هو أبو المخشي عاصم بن زيد بن يحيى بن يحيى بن حنظلة بن علقمة بن عدي بن زيد بن حماد العبادي، شاعر من شعراء الأندلس.