قصة قصيدة مأمون يا ذا المنن الشريفة

اقرأ في هذا المقال


قصة قصيدة مأمون يا ذا المنن الشريفة

والسبب من كتابة قصة قصيدة، حتى يسهل  على القارئ معرفة معانيها وفهمها ومعرفة جماليتها، ونصور للقارئ الحالة التي كان يمر بها الشاعر في ذلك الوقت، من خلال السرد بشكل أقرب للواقع، فالقصة هي نبذة بسيطة عن القصيدة التي تحمل معاني أدبية عميقة، لكي نجذب القارئ في الوصل إلى الفكرة الرئيسة التي أرادها الشاعر ونجعله يعيش هذه القصة بكل تفاصيل القصيدة.

وأمّا عن مناسبة قصيدة “مأمون يا ذا المنن الشريفة” فيروى بأن شاعرًا من أهل البصرة  من بمي تميم بن سعد اشتهر بخبثه ومكره وظرافته، وكان صديقًا لرجل يقال له محمد بن أيوب بن جعفر بن سليمان، فكان الاثنان كثيرًا ما يجلسان سوية، فيأنس محمد بن أيوب بشعره وكلامه، وفي يوم من الأيام قال له: أنت شاعر ظريف، وأمير المؤمنين المأمون أكرم من الغيم الحافل، فما يمنعك من الذهاب إليه؟، فقال له: ليس عندي ما أركبه، فقال له محمد بن أيوب: أنا أعطيك راحلة ونفقة، وأعطاه ناقة وثلاثمائة درهم، فعمل قصيدة ليست بالطويلة، ومن ثم خرج متوجهًا إلى الشام.

فأتى الخليفة وهو في منطقة يقال لها سلغوس، فلبس ثيابًا تليق بلقاء الخليفة، وأخذ يمشي بين العسكر، وإذ برجل كبير في العمر على ظهر بغل، فتلقاه وهو ينشد قصيدته، فقال له: السلام عليكم، فرد عليه البصري: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، فقال له: قف إن أردت، فتوقف البصري مع الشيخ وكانت تفوح منه رائحة المسك والعنبر، فقال له الشيخ: من أين أنت؟، فقال له: منة مضر، فقال له: أنا من مضر، ومن أي قبيلة أنت؟، فقال له: من تميم من بني سعد، فقال له الشيخ: وما الذي أحضرك إلى هنا، فقال له البصري: لقد أتيت إلى الخليفة الذي لم أسمع بمثله أندى رائحة، ولا أوسع راحة.

فقال له الشيخ: وما الذي تريده منه؟، فقال له: شعر حسن يطيب على الفم، ويحلو في آذان من يسمعه، فقال له الشيخ: أسمعني إياه، فغضب منه البصري، وقال له: لقد قلت لك بأني صنعته للخليفة وأنت تريد سماعه؟، فقال له الشيخ: وماذا تأمل مقابل شعرك، فقال له: إن كان صحيحًا ما سمعت فأنا آمل أن أنال ألف دينار، فقال له الشيخ: أنا أعطيك إياها إن أعجبني شعرك، وأضع عنك التعب، وطول التردد حتى تدخل إلى الخليفة، وبينك وبينه عشرة آلاف جندي، فقال له البصري: عاهدني أن تعطنيها، فأقسم له الشيخ بأنه سوف يعطيه الدنانير، فأخذ البصري ينشد قائلًا:

مأمونُ يا ذا المِنَنِ الشَّريفَةْ
وقائدَ الكتيبةِ الكثيفَةْ

في هذا البيت قام الشاعر بذكر الخصال الحسنة عند الخليفة المأمون، فهو من يحسن إلى الناس، وهو قائد جيوش المسلمين.

وصاحبَ المرتبةِ المنيفَةْ
هلْ لكَ في أُرجوزةٍ لطيفَهْْ

أظرف من فِقْهِ أبي حنيفَةْ
لا والَّذي أنتَ له خليفَهْ

ما ظُلِمتْ في أرضنا ضعيفَةْ
أميرُنا مُؤْنَتُه خفيفَةْ

وليسَ يُجْبينا سِوى الوَظيفَةْ
اللُّص والتاجرُ في قَطيفَهْ
والذئبُ والنعجةُ في سقيفَهْ

ولم يكد البصري يكمل شعره حتى وقف ما يقرب من عشرة آلاف جندي، وقد سدوا كل الطرق، وهم يقولون: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته، فارتعد البصري من الخوف، عندما علم بأن من يكلمه هو الخليفة المأمون، فقال له الخليفة: لا بأس عليك يا أخي، فقال له البصري: أنا فدائك يا مولاي، من جعل الكاف مكان القاف من العرب؟، فقال له الخليفة: أهل حمير، فقال الرجل: لعنة الله عليهم وعلى من استعمل هذه اللغة، فضحك الخليفة وأمر له بثلاثة آلاف دينار، فأخذها وشكره ومضى عائدًا إلى البصرة.

حالة الشاعر

كانت حالة الشاعر عندما انشد هذه القصيدة حب الخليفة المأمون.


شارك المقالة: