قصة قصيدة ماذا شجاك بحوارين من طلل
أمّا عن مناسبة قصيدة “ماذا شجاك بحوارين من طلل” فيروى بأن أخوان من قيس كانا قائمين على قرية يقال لها تل حوم، وبقيا على هذا القرية حتى أصبحا ثريين، فحسدهما على ما أصبحا عليه من ثراء قوم من بني ربيعة، فقاموا بالجمع لهما، وقاتلوهما، وقتلوا واحد منهما، وكان يومئذ قائمًا على الجزيرة العربية عبد الملك بن صالح الهاشمي، فشكا إليه القيسي بأن قوم ربيعة قد قتلوا له أخاه، وأخذوا ماله، وبأنهم عندما قتلوا أخاه، قال أحدهم:
اشربا ما شربْتُما إنَّ قيساً
من قتيلٍ وهالكٍ وأسيِر
لا يَحوزَنَّ أمرَنا مُضَرِيٌّ
بخفيرٍ ولا بغيرِ خفيِر
ولكنّ عبد الملك رده، وقال له: أتندبني إلى العصبية، فخرج من عنده وهو مغموم، وشكا ما حصل معه إلى وجوه قيس، فنصحوه بأن يعود إليه، فعاد إليه، وقال له قوله الأول، وقال له: والله إني لا أريد منك أن تتعصب لقومك، وإنما أريدك أن تكون عادلًا، فقال له عبد الملك: أخبرني ماذا فعل القوم بكما؟، فحدثه بخبر ما حصل، فغضب عبد الملك، ودعا أحد قادة جنده، وأمره بأن يخرج إلى قوم ربيعة، ويجردهم من سلاحهم، فخرج إليهم، وقتل منهم عددًا كبيرًا، فأنشد كلثوم بن عمرو العتابي، قائلًا:
ماذا شجاك بحوارين من طلل
ودمنة كشفت عنها الأعاصير
شجاك حتى ضمير القلب مشترك
والعين انسانها بالماء مغمور
لبست ادرية النوار من طلل
وزلت اخضر تعلوك الازاهير
في ناظري انقباض عن جفونهما
وفي الجفون عن الآماق تقصير
لو كنت تدرين ماشوقى اذا جعلت
تنأى بنا ويل الاوطان والدور
علمت ان سرنى ليلى ومطلعى
من بيت نجران والغورين تغوير
اذا الركائب مخسوف نواظرها
كما تضمنت الدهر القوارير
نادتك ارحامنا اللاتى تمت بها
كما تنادى خلاء الجلة الخور
مستنبط عزمات القلب من فكر
مابينهن وبين الله معمور
فت المدائح الا ان انفسنا
مستنطقات بما تحوى الضمائر
فبلغت القصيدة عبد الملك فأمر القائد أن يكف عنهم.
نبذة عن كلثوم بن عمرو العتابي
أبو عمرو كلثوم بن عمرو بن أيوب العتابي التغلبي، ولد في عام مائة وخمسة وثلاثون للهجرة في الشام، وهو شاعر من شعراء العصر العباسي.
