قصة قصيدة ما انسد باب ولا ضاقت مذاهبه
أمّا عن مناسبة قصيدة “ما أنسد باب ولا ضاقت مذاهبه” فيروى بأن أحد الشيوخ سافر في يوم من الأيام إلى بلاد السند، وبينما هو هنالك دخل إلى أحد خاناتها، وأخذ يدور فيه، ويرى كيف هو من الداخل، وبينما هو يدور فيه لاحظ بأن هنالك كتابة على بعض غرفه، وفيها يقول الكاتب: يقول علي بن محمد ابن عبد الله: لقد مشيت إلى هذا المكان حافيًا، حتى تلطخت قدماي بالدماء، وأنا أنشد قائلًا:
عسى مشربٌ يصفو فيروي ظَمَاءةً
أطال صداها المشربُ المتكدّرُ
عسى بالجلودُ العاريات ستكتسى
وبالمستذَلّ المُسْتضامِ سيُنْصَرُ
عسى جابر العظم الكسيرِ بلطفه
سيرتاح للعظم الكسير فيجبرُ
عسى الله، لا تيأس من الله إنَّه
يهونُ عليه ما يجلّ ويكبرُ
وبعد أن عاد إلى بلاده، أخبر خبر الخان، وما كان مكتوبًا على جدران الغرف لشخص من أبناء البختكاني، فقال له: بينما كنت ما أزال في شبابي، كنت يومًا عاملًا في الشام، وفي يوم دخلت إلى أحد كنائس المدينة، وكان في هذه الكنيسة موصوفة، وأردت أن أنظر إليها، وبينما أنا أنظر إلى تلك الموصوفة، رأيت كتابة، فدققت بها، ووجدت بانها تقول: يقول صالح بن علي بن عبد الله بن عباس، دخلت إلى هذه الكنيسة في اليوم الفلاني من الشهر الفلاني من سنة مائة وثماني عشرة للهجرة، وأنا مكبل بالحديد، ومحمول إلى أمير المؤمنين هشام بن عبد الملك بن مروان، وأنا أنشد قائلًا:
ما أنسدّ بابٌ ولا ضاقت مذاهبه
إلاّ أتاني وشيكاً بعده الفرج
ومن ثم أكمل قائلًا: وكان بين ذلك، وبين أن عاد صالح بن علي إلى نفس تلك الكنيسة لمحاربة مروان بن محمد أربع عشرة سنة.
نبذة عن صالح بن علي العباسي
هو صالح بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب العباسي الهاشمي، أول من أصبح واليًا على مصر في الدولة العباسية، وكان ذلك في عصر خلافة أبي العباس عبد الله بن محمد السفاح، ولد في عام اثنان وتسعون للهجرة وكان ذلك في فترة الخلافة الأموية، وتوفي في عام مائة وواحد وخمسون للهجرة في مصر.