قصة قصيدة ما قصرت بك أن تنال مدى العلا

اقرأ في هذا المقال


قصة قصيدة ما قصرت بك أن تنال مدى العلا

أمّا عن مناسبة قصيدة “ما قصرت بك أن تنال مدى العلا” فيروى بأنه في يوم من الأيام قام رجل يقال له عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث بالثورة على خلفاء بني أمية، وعلى الدولة الأموية، وكان من بين من ثار عليهم هو عامل الأمويين في العراق، وهو الحجاج بن يوسف الثقفي، وكان من بين من خرج مع عبد الرحمن بن الأشعث الشاعر أعشى همدان، فكان يقاتل معه، ويمدحه بقصائد رائعة، ويهجو بني أمية، والحجاج، وكان يحرض أهل العراق في قصائده على الخروج على الحجاج، وكان مما قاله في ذلك.

لما ثار عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث على بني أمية وعاملهم على العراق الحَجّاج بن يوسف، خرج معه أعشى همدان يقاتل ويقول الشعر في مديحه وهجاء الحجاج، وكان كثير التحريض لأهل العراق على الخروج على الحجاج، ومما قاله في ذلك من قصيدة:

ما قَصَّرَت بِكَ أَن تَنالَ مَدى العُلا
أَخلاقُ مَكرُمَةٍ وَإِرثُ جُدودِ

قَرمٌ إِذا سامى القُرومَ تَرى لَهُ
أَعراقَ مَجدٍ طارِفٍ وَتَليدِ

وَإِذا دَعا لِعَظيمَةٍ حُشِدَت لَهُ
هَمدانُ تَحتَ لِوائِهِ المَعقودِ

يَمشونَ في حَلَقِ الحَديدِ كَأَنَّهُم
أُسدُ الأَباءِ سَمِعنَ زَأرَ أُسودِ

وَإِذا دَعَوتَ بِآلَ كِندَةَ أَجفَلوا
بِكُهولِ صِدقٍ سَيِّدٍ وَمَسودِ

وَشَبابِ مَأسَدَةٍ كَأَنَّ سُيوفُهُم
في كُلِّ مَلحَمَةٍ بُروقُ رُعودِ

ما إِن تَرى قَيساً يُقارِبُ قَيسَكُم
في المَكرُماتِ وَلا تَرى كَسعيدِ

وكان أيضًا من شعره في تحريض أهل العراق ضد الحجاج بن يوسف، قوله:

مَن مُبلِغُ الحَجّاجِ أَنني
قَد نَدَبتُ إِلَيهِ حَربا

حَرباً مُذَكَّرَةً عَواناً
تُترَك الشُبّانَ شُهبا

وَصَفَقتُ في كَفِّ اِمرِئٍ
جَلدٍ إِذا ما الأَمرُ غَبّا

يا اِبنَ الأَشَجِّ قَريعِ كِندَةَ
لا أُبالي فيكَ عَتبا

أَنتَ الرَئيسُ اِبنُ الرَئيسِ
وَأَنتَ أَعلى الناسِ كَعبا

نُبِّئتُ حَجّاجَ بنَ يوسُفَ
خَرَّ مِن زَلَقٍ فَتَبّا

فَاِنهَض فَديتَ لَعَلَّهُ
يَجلو بِكَ الرَحمَنُ كَربا

فَإِذا جَعَلتَ دُروبَ فارِسَ
خَلفَهُم دَرباً فَدَربا

فَاِبعَث عَطِيَّةً في الخُيولِ
يَكُبُّهُنَّ عَلَيهِ كَبّا

وعندما فشلت ثورة عبد الرحمن، وتمكنت الجيوش من أسر أعشى همدان، قاموا بإحضاره إلى الحجاج، فحاول أعشى أن يعتذر منه من خلال مدحه بقصائد، ولكن الحجاج لم يقبل منه ذلك، وأصر عليه بأن يعيد عليه مدحه لعبد الرحمن، فأنشده إياه، فأمر بقتله، فقتل.

نبذة عن أعشى همدان

هو عبد الرحمن بن عبد الله بن الحارث بن نظام بن جشم الهمداني، من شعراء العصر الأموي، شاعر اليمانيين، بالكوفة وفارسهم في عصره.

المصدر: كتاب "البداية والنهاية" تأليف ابن كثير كتاب "العقد الفريد" تأليف ابن عبد ربه الأندلسي كتاب "الأغاني" تأليف أبو فرج الأصفهانيكتاب "الشعر والشعراء" تأليف ابن قتيبة


شارك المقالة: