نبذة عن الشاعر أبي الشمقمق:
هو مروان بن محمد أبو الشمقمق، ولد في عام مائة واثنا عشر للهجرة في بخارى، وهو أحد موالي بني أمية، اشتهر بكونه شاعر هجاء، فقد هجا العديد من الشعراء الذين عاصروه من مثل أبي العتاهية، ولقب بالشمقمق لطوله، فقد كان طويلًا جدًا، وكان له أنف كبير ووجهه قبيح.
عاش معظم حياته في مدينة البصرة، وفي آخر حياته انتقل إلى بغداد، وعاش فيها حتى توفي في عام مئتان للهجرة عن عمر يناهز الثمانية والثمانون.
قصة قصيدة ما كان مندق اللواء لطيره:
أما عن مناسبة قصيدة “ما كان مندق اللواء لطيره”، فيروى بأنه بعد أن تسلم المأمون أبو العباس الخلافة في عام مائة وثمانية وتسعون للهجرة، بعث في طلب خالد بن يزيد بن مزيد الشيباني، وعندما دخل إليه، أمره بأن يتجه نحو الموصل، ويتسلم ولايتها.
فخرج خالد بن يزيد من عند الخليفة، وذهب إلى منزله، وجهز نفسه للسفر إلى الموصل، ثم خرج إلى هنالك وكان معه مجموعة من الرجال، ومن بينهم كان أبو الشمقمق، وقبل أن يصل إلى المدينة بقليل، انكسر العلم الذي كان مرفوعًا في مقدمة القافلة، فتغير لون وجه خالد بن يزيد، وتشاءم بسبب ذلك، وعندما رآه أبو الشمقمق على هذه الحالة، أدرك ما يجول في خاطره، وأنشد في تلك اللحظة بيتين من الشعر، كانا فاتحة خير وبركة على كلاهما، قائلًا:
ما كانَ مِندِقُ اللِواءِ لِطَيرِهِ
تَخشى وَلا سوءً يَكون معجَلا
لَكِن هَذا العودُ أَضعَف مَتنهُ
صغَر الوَلايَةِ فَاِستَقَلَّ المَوصِلا
وعندما سمع خالد بن يزيد ما قال أبو الشمقمق من شعر، عاد وجهه إلى ما كان عليه مسبقًا، بل أشرق من السعادة التي غمرته، واستبشر بأن ما أمامه هو خير، واستعاذ بالله من شر ما تحدثه به نفسه، وعندما وصل خبر ما قد حصل إلى أمير المؤمنين، بعث إلى خالد بن يزيد بكتاب، أخبره به بأنه قد قرر بأن يضعه واليًا على ديار ربيعة بأسرها، وقال له: إن هذا بسبب استقلال لوائك ولاية الموصل، ففرح خالد بذلك فرحًا شديدًا، وأمر لأبي الشمقمق بعشرة آلاف درهم جائزة له، كونه هو السبب في ما حدث له.