نروي لكم اليوم شيئًا من خبر المبرد، وما قال العلماء عنه.
قصة قصيدة ما نال ما نال الأمير محمد
أما عن مناسبة قصيدة “ما نال ما نال الأمير محمد” للشاعر البحتري فيروى بأن الجاحظ دخل في يوم من الأيام على مجلس رجل من أهل البصرة يقال له المازلي، وكان في المجلس محمد بن يزيد المبرد، وكان في ذلك الوقت غلامًا صغيرًا، وعندما رأى المبرد الجاحظ أخفى نفسه في جب عنه، وجلس الجاحظ وأخذ يتحدث إلى المازلي، وبينما هما يتحدثان عطس المبرد من المكان الذي كان مختبئً به، فسمعه الجاحظ وقال: من هذا المبرد منا؟، فسمي المبرد بذلك، وبخبر ذلك أنشد الشاعر:
ويوم كنار الشوق في الصدر والحشا
على أنه منها أحر وأوقد
ظللت به عند المبرد قائلاً
فما زلت من ألفاظه أتبرد
وقد كان المبرد من العلماء الذين تعددت معارفهم، وتباينت ثقافاتهم، فشمل ما أتقن العديد من العلوم والفنون، ولكنه تميز بعلوم البلاغة والنقد والنحو، وكان ذلك بسبب الغيرة الشديدة التي كانت عنده تجاه عروبته ولغتها وآدابها في عصر انفتح فيه العرب على العديد من العلوم والثقافات، وظهرت أنواع من العلوم والفنون لم تكن ظاهرة من قبل، وقد مدحه العديد من الشعراء ومنهم البحتري الذي دعا الناس في قصيدة من قصائده إلى الأخذ من أنوار علمه، فقال فيه:
ما نالَ ما نالَ الأَميرُ مُحَمَّدٌ
إِلّا بِيُمنِ مُحَمَّدِ بنِ يَزيدِ
يمدح البحتري المبرد ويقول بأن الأمير محمد لم ينل ما نال إلا ببركة محمد بن يزيد المبرد.
وَبَنو ثُمالَةَ أَنجُمٌ مَسعودَةٌ
فَعَلَيكَ ضَوءُ الكَوكَبِ المَسعودِ
شَفَعَت خُراسانُ العِراقِ بِزَورَةٍ
مِن زائِرٍ طَرِفِ اللِقاءِ جَديدِ
ذاكَ المُبارَكُ خِلَّةٌ وَلَرُبَّما
مُنِيَ الجَليلُ بِأَشأَمٍ مَنكودِ