ما لا تعرف عن قصة قصيدة “محلك الجوزاء بل أرفع”:
أمَّا عن قصة قصيدة “محلك الجوزاء بل أرفع” قال أبو فراس الحمداني أنَّ سيف الدولة كان لا يشرب الخمر ولا النبيذ، ولا يسمع للمغنيات وكان يحظر هذا وذلك على نفسه وكان في المدينة مغنية أسمها “ظلوم الشهرامية” وكانت من المحسنات.
وكان أبا فراس الحمداني في مجلسه وكان بحضرته ابن المنجم وهو أيضاً من المحسنين فقد اشتهى أبو فراس الحمداني إلى سماع صوت “ظلوم” وطلب من سيف الدولة الحمداني أن يطلبها لكي يسمعوا صوتها، فوعده سيف الدولة أن يحضرها إلى مجلسه فانصرف أبو فراس وهو غير واثق من أن سيف الدولة سوف يوفي بوعده وذلك لعلمه بكره سيف الدولة للمغنيات.
حيث اتجه أبو فراس إلى المكان الذي تقيم فيه “ظلوم” وقابلها وأخبرها بإن تستعد لكي تغني في حضرة سيف الدولة وبقي هنالك ينتظر رسول سيف الدولة إلى أن غربت الشمس وكتب هذه الأبيات:
مَحَلُّكَ الجَوزاءُ بَل أَرفَعُ
وَصَدرُكَ الدَهناءُ بَل أَوسَعُ
قصد أبو فراس الحمداني في مطلع قصيدته يصف سيف الدولة الحمداني بإن المكان الذي يجب أن يكون به ليس قصرًا على الأرض بل قصرًا من قصور السماء وشبه قلبه بالصحراء دلالة على عطفه وسعة صدره.
وَقَلبُكَ الرَحبُ الَّذي لَم يَزَل
لِلجِدِّ وَالهَزلِ بِهِ مَوضِعُ
وأكمل وصفه بقلب سبف الحمداني ويقول أن قلبه الكبير لا يزال به مكانٌ للجد والاسترخاء وكان يقصد في هذا البيت أن يقنع سيف الدولة بإحضار “ظلوم” لكي تغني.
رَفِّه بِقَرعِ العودِ سَمعاً غَدا
قَرعُ العَوالي جُلَّ مايُسمَعُ
أكمل أبو فراس طالبًا من سيف الدولة أن يرفه وينفس عنهم بأن يسمعوا دق العود وصوت “ظلوم” وهي تغني وأكمل مدحه لسيف الدولة بأن صوت الرماح في حروبه هي أفضل ما يسمع.
فجودك الغامر، ما ينقضي
وفضلك الباهر، لا يدفع
ويروى هذا البيت:
ففضلك المشهور لا ينقضي
وفخرك الذائع لا يدفع
فبلغت هذه الأبيات إلى الوزير أبا محمد الحسن بن محمد المهلبي، فأمر بإحضار “ظلوم” فحضرت ولحنت وغنت هذه الأبيات وبقي أبو فراس طربانً بقية يومه بغنائها.