قصة قصيدة مريض بأفناء البيوت مطرح
أما عن مناسبة قصيدة “مريض بأفناء البيوت مطرح” فيروى بأن ذرعة العذري بعد أن خف ما به من مرض، أصبح يأتي إلى ديار ظريفة بنت صفوان، ويجلس بالقرب من بيتها، وينتظر حتى يراها، فيسارقها النظر، وبعد أن اعتادت على أن يأتي كل يوم، أصبحت هي الأخرى تختلس النظر إليه، وبدأ الاقنان يتقابلان، حتى علم أهلها بخبرهما، فقرروا أن يقوموا بقتله.
وعندما وصله خبر ذلك، خرج متوجهًا إلى اليمن، وكان كلما اشتاق إليها، تناول خصلة شعر من شعرها، كانت قد أعطتها إليه، ووضعها على وجهه، حتى تحسنت حالته، واستراح، وفي يوم من الأيام خرج إلى السوق، وبينما هو في السوق، أسقط الشعر، وعندما يأس من إيجاده، قرر أن يعود إلى الديار، فمنعه أصحابه عن ذلك، ولكنه رفض وأصر على العودة.
فتوجه عائدًا إلى الديار، وعندما وصل لم يستطع الاقتراب من بيتها، فطلب من غلام أن يوصل لها أبياتًا من الشعر، قال فيها:
مريض بأفناء البيوت مطرح
به ما به من لاعج الشوق يبرح
وقالوا لأجل اليأس عودي لعل ما
تشكاه من آلام وجدك يمسح
وليس دواء الداء إلا بحيلة
أضربنا فيها غرام مبرح
إذا ما سألناها نوالاً تنيله
فصم الصفا منها بذلك اسمح
فتوجه الغلام إلى بيتها، وعندما حاذاها رفع صوته بالأبيات ينشدها، وبعد أن انتهى أنشدت ظريفة قائلة:
رعى الله من هام الفؤاد بحبه
ومن كدت من شوقي إليه أطير
لئن كثرت بالقلب أتراح لوعة
فإن الوشاة الحاضرين كثير
فيمشون يستشرون غيظاً وشرة
وما منهم إلا أب وغيور
فإن لم أزر بالجسم رهبة مصدر
فللقلب آت نحوكم فيزور
ثم رجع الصبي فأنشد أبياتها عليه، فسقط مغشيًا عليه، وعندما أفاق أنشد قائلًا:
أظن هوى الخود الغريرة قاتلي
فيا ليت شعري ما بنو العم صنع
أراهم وللرحمن در صنيعهم
تراكى دمي هدراً وحاب المضيع
ثم تنكر ودخل إلى منزله، وبقي فيه، إلى أن تزوجت ظريفة من رجل اسمه ثعلب، وعندما وصله خبر ذلك مرض ساعة، ومن ثم سقط ميتًا.
نبذة عن ذرعة بن خالد العذري
هو ذرعة بن خالد العذري، كان غلاماً جميل الوجه، عذب المنطق، عارفاً بأيام العرب وأشعارها.