قصة قصيدة مزجنا دماء بالدموع السواجم
أمّا عن مناسبة قصيدة “مزجنا دماء بالدموع السواجم” فيروى بأنه عندما تمكن الفرنج من الاستيلاء على مدينة بيروت، قام القاضي الفاضل عبد الرحيم بن علي البيساني بالكتابة إلى الأمير عز الدين أسامه، قائلًا: لقد قال الله تعالى لرسوله العزيز صل الله عليه وسلم: {وَإِن يُرِيدُوا خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُوا اللَّهَ مِن قَبْلُ}، فإن كانوا قد خانوا رسول الله صل الله عليه وسلم، فكيف لا يخونون بعضهم البعض، وأين الصادقين الوعد إن وعدوا، وأين الصابرين في البأس والضراء، ومن ثم كتب قائلًا:
وَقَد كانوا إِذا عُدّوا قَليلاً
فَقَد صاروا أَقَلَّ مِنَ القَليلِ
ويروى بأنه عندما تمكن الإفرنج من الاستيلاء على بيت المقدس في فلسطين في عام أربعمائة واثنان وتسعون للهجرة، أنشد أبو المظفر الأبيوردي قصيدة قال فيها:
مَزَجنا دِماءً بالدُّموعِ السَّواجِمِ
فَلَم يَبقَ مِنّا عَرصَةٌ لِلمَراحِمِ
وَشَرُّ سِلاحِ المَرءِ دَمعٌ يُفيضُهُ
إِذا الحَربُ شُبَّت نارُها بِالصَّوارِمِ
فإِيهاً بَني الإِسلامِ إِنَّ وَراءَكُم
وَقائِعَ يُلحِقنَ الذُّرا بِالمَناسِمِ
أَتَهويمَةً في ظِلِّ أَمنٍ وَغِبطَةٍ
وَعَيشٍ كَنُّوارِ الخَميلَةِ ناعِمِ
وَكَيفَ تَنامُ العَينُ مِلءَ جُفونِها
عَلى هَفَواتٍ أَيقَظَتْ كُلَّ نائِمِ
وَإِخوانُكُم بِالشَّامِ يُضحي مَقيلُهُم
ظُهورَ المَذاكي أَو بُطونَ القَشاعِمِ
تَسومُهُمُ الرُّومُ الهَوانَ وَأَنتُمُ
تَجُرُّونَ ذَيلَ الخَفضِ فِعلَ المُسالِمِ
وَكَم مِن دِماءٍ قَد أُبيحتْ وَمِن دُمىً
تواري حَياءً حُسنَها بِالمَعاصِمِ
بِحَيثُ السُّيوفُ البيضُ مُحمَرَّةُ الظُّبا
وَسُمرُ العوالي دامياتُ اللَهاذِمِ
وَبَينَ اِختِلاسِ الطَّعنِ وَالضَربِ وَقفَةٌ
تَظَلُّ لَها الوِلدانُ شيبَ القوادِمِ
ويروى بأنه عندما استولى التتار على مدينة دمشق في سوريا في عام ستمائة وتسع وستين للهجرة، أنشد علاء الدين علي الأوتاري قصيدة قال فيها:
لك علمٌ بما جرى يا سهادي
من جفوني على افتقاد رقادي
لم أجد عند شدتي مؤنساً لي
غير سهدي ملازماً لسوادي
وحبيب العين الرقاد جفاها
مذ رآها خليفة الأنكاد
أحسن الله يا دمشق عزاك
في مغانيك يا عماد البلاد
وبرستاق نير بيك مع المزة
مع رونقٍ بذاك الوادي
وبأنس بقاسيون وناسٍ
أصبحوا مغنماً لأهل الفساد
نبذة عن الأبيوردي
هو أبو المظفر محمد بن أبي العباس أحمد بن محمد الأبيوردي، هو كاتب وشاعر وأديب عربي عاش في القرن الخامس الهجري.