اشتهر البرامكة بكرمهم، وقد استغل هذا الكرم العديد من الناس، ومن الذين استغلوا كرمهم شاعرنا إبراهيم الموصلي الذي مدح يحيى بن خالد بقصيدة لكي يأخذ منه مالًا على الرغم من امتلاكه مالًا وفيرًا.
من هو إبراهيم الموصلي؟
هو إبراهيم بن ميسون، وهو واحد من أشهر المغنين في العصر العباسي، وأصله من بلاد فارس، ولد في الكوفة.
قصة قصيدة نام الخليون من وهم ومن سقم
أما عن مناسبة قصيدة “نام الخليون من وهم ومن سقم” فيروى بأن رجلًا يقال له مخارق كان في يوم من الأيام في مجلس الخليفة هارون الرشيد، وعندما أتى المساء أمره الخليفة هو ومن كان في المجلس بالعودة إلى منازلهم، وسمح لهم أن يقيموا في منازلهم ثلاثة أيام، فخرج الجلساء وتوجهوا إلى منازلهم، ولكن مخارق قال في نفسه: والله لأذهب إلى منزل استاذي إبراهيم الموصلي، وأعرف حاله وخبره.
فتوجه مخارق إلى منزل إبراهيم الموصلي، ودخل إلى مجلسه، فإذا هو جالس وأمامه قدر وأباريق وستارة، والجواري خلف تلك الستارة، فقال له مخارق: ما أمر هذه الستارة لا أسمع صوت الجواري من خلفها؟، فقال له إبراهيم: ويحك، اجلس واسمع ما حصل لي، لقد أتاني خبر ضيعة بيعت بالقرب من منزلي، وكنت أريدها من قبل، وتمنيت أن أملكها، ولكن سعرها الآن يبلغ مائة ألف درهم، فقال مخازق: وما الذي يمنعك من شرائها وأنت تملك أضعاف هذا المال؟، فقال له: نعم، ولكن نفسي لا تطيب بإخراج مثل هذا المال، ومن ثم ناوله عصًا كانت في يده، وهو ينشد قائلًا:
نام الخليون من وهمٍ ومن سقمٍ
وبت من كثرة الأحزان لم أنم
يا طالب الجود والمعروف مجتهداً
أعمد ليحيى حليف الجود والكرم
يمدح الشاعر في هذا البيت يحيى بن خالد البرمكي، ويقول بأنه صاحب الجود والكرم.
ومن ثم قال له: اخرج حالًا، وتوجه إلى مجلس يحيى بن خالد البرمكي، وقص عليه خبري، واذكر له الضيعة التي حدثتك عنها، وأنشده هذه الأبيات، فخرج وتوجه إلى مجلس يحيى بن خالد، ودخل إليه، وأخبره بخبر إبراهيم الموصلي، وأنشده الأبيات التي قالها فيه، فقال له يحيى: أتقيم عندي أم تنصرف؟، فقال له: أنصرف أطال الله عمرك، فأمر أحد غلمانه أن يعطيه عشرة آلاف درهم له، ومائة ألف درهم لإبراهيم الموصلي، فأخذها وعاد إلى منزل إبراهيم الموصلي وأعطاه المائة ألف درهم.
الخلاصة من قصة القصيدة: دخل مخازق في يوم إلى مجلس إبراهيم الموصلي، ووجده حزينًا، فسأله عن سبب حزنه، فأخبره بأمر ضيعة يريد شرائها، وبأنه لا يريد أن يدفع ثمنها من ماله على الرغم من امتلاكه أضعاف ثمنها، وقام بمدح يحيى بن خالد بأبيات من الشعر لكي يأخذ منه ثمنها.