قصة قصيدة نحن قتلنا مصعباً وعيسى
أمّا عن مناسبة قصيدة “نحن قتلنا مصعباً وعيسى” فيروى بأن عمرو بن عثمان بن عفان تزوج في يوم من الأيام ابنة رجل من بني أسد بن عبد العزى يقال له عبد الله بن السائب، وفي نفس اليوم الذي تزوج فيه منها، صعد إلى المنصة وطلقها أمام الناس، فتوجه عبد الله بن السائب إلى عبد الله بن الزبير، وأخبره بخبر طلاق ابنته من عمرو بن عثمان بن عفان، وبأنه فعل ذلك أمام الناس، وبأن الناس أصبحوا يعتقدون بأنه فعل ذلك لعاهة موجودة فيها، وطلب منه أن يتزوج منها لكي يثبت أمام الناس أنه لا يوجد فيها ما يعيبها، فقال له عبد الله بن الزبير بأن عنده حل أفضل من ذلك، وهو أن يتزوج منها أخيه مصعب، وخطبها له، وزوجها له.
ودخل عليها في نفس اليوم، فأصبحت أول امرأة تتزوج من اثنين في ليلتين متتاليتين، وأنجبت من مصعب غلامان، وهما عيسى وعكاشة، وفي يوم خرج مصعب للقتال، وكان ذلك اليوم يدعى يوم مسكن، وبينما هو يقاتل هرب أكثر الناس عنه، فتوجه إلى سكينة ابنة الحسن بن علي بن أبي طالب، وكانت سكينة تحبه حبًا شديدًا، ولكنها لم تخبره بذلك الحب، فارتدى ملابس الحرب، وحمل سيفه، وخرج إلى القتال، وعندما رأت سكينة ذلك منه، علمت بأنه لا ينوي أن يعود، فأخذت تصيح من ورائه: واحرباه، فنظر إليها، وقال لها: وهل كل هذا في قلبك لي؟، فقالت له: نعم والله، وأكثر من هذا، فقال لها: والله لو كنت أعلم ذلك، لكان لي ولك شأن، ثم غادر.
وبينما هو يقاتل، التفت إلى ابنه عيسى، وقال له: انج بنفسك، فإن من نقاتلهم لا يريدون أحد سواي، وسوف تفلت منهم، فقال له: يا أبي، لا أحدث والله عنك أبدًا، فقال له: والله بما أنك قد قلت ذلك، فإني قد تأكدت من أن الكرم موجود في أسرارك، ولم يتركه وبقيا يقاتلان حتى قتل عيسى بين يدي أبيه، وفي خبر ذلك أنشد أحد شعراء أهل الشام من اليمانية قائلًا:
نحن قتلنا مصعباً وعيسى
وابن الزّبير البطل الرّئيسا
عمداً أذقنا مضر التّبئيسا
وقال أحدهم لصاحبه معاتبًا
لو كان شهم النّفس أو ذا حفيظةٍ
رأى ما رأى في الموت عيسى بن مصعب
حالة الشاعر
كانت حالة الشاعر عندما أنشد هذه القصيدة الفخر بقومه الذين تمكنوا من قتل عيسى وأبيه مصعب بن الزبير.