قصة قصيدة ندمتم على قتل الأمير ابن مسلم
أمّا عن مناسبة قصيدة “ندمتم على قتل الأمير ابن مسلم” فيروى بأن قتيبة بن مسلم كان أحد سادات الأشراف وخيارهم، وكان قائدًا من أفضل القادة المسلمين، وكان شجاعًا صاحب حروب وفتوحات عديدة، وكان رأيه حميد، وقد اهتدى على يديه عددًا كبيرًا من الناس، وقام بفتح العديد من الأقاليم الكبيرة، والمدن العظيمة، ولكن وعلى الرغم من كل ذلك فقد زل زلة مات بسببها، وفعل فعلة خلع بسببها ثوب الطاعة، وفارق الجماعة، فمات ميتة الجاهلية، ولكنه كان قد عمل العديد من الأعمال الصالحة التي قد يغفر له الله تعالى سيئاته بسببها، وكان قد توفي في فرغانة، وهي إحدى المدن الواقعة في أقصى بلاد خراسان، عن عمر يناهز الثمان والأربعون، وقال جرير يرثى قتيبة بن مسلم رحمه الله وسامحه، وأكرم مثواه وعفا عنه:
ندمتم على قتل الأمير ابْنِ مُسْلِمٍ
وَأَنْتُمْ إِذَا لَاقَيْتُمُ اللَّهَ أَنْدَمُ
لَقَدْ كُنْتُمُ مِنْ غَزْوِهِ فِي غَنِيمَةٍ
وَأَنْتُمْ لِمَنْ لَاقَيْتُمُ الْيَوْمَ مَغْنَمُ
عَلَى أَنَّهُ أَفْضَى إِلَى حُورِ جَنَّةٍ
وَتُطْبِقُ بِالْبَلْوَى عَلَيْكُمْ جَهَنَّمُ
ومن بعد أن مات قتيبة بن مسلم ولي من أولاده وذريته جماعة الإمرة في البلدان، وكان من بينهم ابن ابنه سالم بن سعيد بن قتيبة بن مسلم، وقد كان سعيدًا رجلًا كريمًا جوادًا، وقد مدحه العديد من الشعراء، وعندما توفي رثاه أبو عمرو أشجع بن عمرو السلمي المري بقصيدة قال فيها:
مضى ابن سعيد حيث لَمْ يَبْقَ مَشْرِقٌ
وَلَا مَغْرِبٌ إِلَّا لَهُ فِيهِ مَادِحُ
وَمَا كُنْتُ أَدْرِي مَا فَوَاضِلُ كَفِّهِ
عَلَى النَّاسِ حَتَّى غَيَّبَتْهُ الصَّفَائِحُ
وَأَصْبَحَ فِي لَحْدٍ مِنَ الْأَرْضِ ضَيِّقٍ
وَكَانَتْ بِهِ حيا تضيق الضحاضح
سَأُبْكِيكَ مَا فَاضَتْ دُمُوعِي فَإِنْ تَغِضْ
فَحَسْبُكَ منى ما تجر النوائح
فما أنا من رزئى وَإِنْ جَلَّ جَازِعٌ
وَلَا بِسُرُورٍ بَعْدَ مَوْتِكَ فَارِحُ
نبذة عن جرير
هو أبو حزرة جرير بن عطية بن حذيفة الخطفي بن بدر بن سلمة بن عوف بن كليب بن يربوع بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم، شاعر من شعراء العصر الأموي، اشتهر بشعر المدح والفخر والهجاء.