قصة قصيدة نقض الذي أعطيته نقفور:
أمّا عن مناسبة قصيدة “نقض الذي أعطيته نقفور” فيروى بأنه في يوم دخل القاسم بن هارون الرشيد أرض الروم، وقد دخلها مقاتلًا، ولكن الروم أرسلوا له يطلبون المصالحة، على أن يعطوه ثلاثمائة وعشرون أسيرًا من أسرى المسلين، فوافق على ذلك، وأخذ الأسرى وعاد إلى بغداد، وكان وقتها قائمًا على الروم امرأة تدعى ريني، ولكن الروم بعد لك قاموا بعزلها، وولوا عليهم رجلًا يقال له نقفور، وعندما تولى نقفور الحكم، كان أول ما فعله، أن بعث بكتاب إلى أمير المؤمنين، وقال له به: من ملك الروم إلى ملك العرب، أما بعد فإن من كانت قبلي قد كبرت من شأنك، وقللت من شأن نفسها، فكانت ترسل لك الأموال، وكان الأولى أن تبعث أنت بالأموال لها، ولكن ما فعلته كان سببه ضعف النساء، فإذا وصلك كتابي، قم برد ما أخذته من أموال من دولتنا، وإلا فالسيف بيني وبينك.
وعندما وصل الكتاب إلى الخليفة، وقرأ ما فيه، غضب منه غضبًا شديدًا، حتى لم يستطع أحد أن ينظر إليه، أو أن يجرأ على أن يكلمه، وأمر بأن يحضروا له قلمًا، وكتب على ظهر الكتاب: من أمير المؤمنين إلى كلب الروم، لقد قمت بقراءة كتابك، ولن أسمعك الجواب بل سوف أريك إياه، وبعثه إليه، ومن فوره خرج بجيش إلى دولة الروم، ووصل إلى هرقلة، فانتصر على جيش الروم هنالك، وخرب وحرق وغنم، فقام نقفور بطلب المصالحة منه على أن يقوم ببعث الأموال له كل عام، فوافق هارون الرشيد على ذلك، وتوجه عائدًا إلى بغداد.
ولكنّه حينما وصل بغداد، قام ملك الروم بنقض العهد الذي أعطاه إلى أمير المؤمنين، وعندما وصل خبر ذلك إلى بغداد، لم يجرؤ أحد أن يخبر الخليفة به، وقرروا أن يبعثوا له بشاعر، يخبره به، فبعثوا له بعبد الله بن يوسف التيمي، ودخل عليه، وأنشده قائلًا:
نقض الذي أعطيته نقفور
فعليه دائرة البوار تدور
أبشر أمير المؤمنين فإنه
فتح أتاك به الإله كبير
فتح يزيد على الفتوح يؤمنا
بالنصر فيه لواؤك المنصور
وعندما سمع الخليفة ذلك، أمر بأن يجهز الجيش، وخرج إلى بلاد الروم، وحاربهم وانتصر عليهم.
نبذة عن عبد الله بن يوسف:
هو عبد الله بن يوسف التيمي، من شعراء العصر العباسي.