قصة قصيدة نهاري نهار الناس حتى إذا بدا

اقرأ في هذا المقال


قصة قصيدة نهاري نهار الناس حتى إذا بدا:

أمّا عن مناسبة قصيدة “نهاري نهار الناس حتى إذا بدا” فيروى بأنه كان في ديار بني عامر  فتاة، وكانت هذه الفتاة من أجمل الفتيات وأكثرهنّ عقلًا وأدبًا، وكان اسم هذه الفتاة ليلى ابنة مهدي بن ربيعة الجريش، وبلغ خبر جمالها، وما هي عليه من أدب إلى قيس بن الملوح، وكان وقتها يحب أن يتحدث إلى الفتيات، فدخل إلى بيته ولبس أفضل ما عنده من ملابس، وتهندم بأحسن الهندام، وركب حصانه، وتوجه إليها، وجلس معها، وأخذ يتحدث إليها، فأعجب بها، ووقع حبها في قلبه، وبقي طوال اليوم يتحدث إليها، حتى حل المساء، فركب حصانه، وتوجه عائدًا إلى بيته، وفي ذلك المساء حاول قيس أن ينام، ولكنه لم يجد إلى النوم من سبيل، فأنشد قائلًا:

نَهاري نَهارُ الناسِ حَتّى إِذا بَدا
لِيَ اللَيلُ هَزَّتني إِلَيكِ المَضاجِعُ

أُقَضّي نَهاري بِالحَديثِ وَبِالمُنى
وَيَجمَعُني وَالهَمَّ بِاللَيلِ جامِعُ

لَقَد ثَبَتَت في القَلبِ مِنكِ مَحَبَّةٌ
كَما ثَبَتَت في الراحَتَينِ الأَصابِعُ

وَلَو كانَ هَذا مَوضِعَ العَتبِ لَاِشتَفى
فُؤادي وَلَكِن لِلعِتابِ مَواضِعُ

وَأَنتِ الَّتي صَيَّرتِ جِسمي زُجاجَةٌ
تَنِمُّ عَلى ما تَحتَويهِ الأَضالِعُ

أَتَطمَعُ مِن لَيلى بِوَصلٍ وَإِنَّما
تُضَرِّبُ أَعناقَ الرِجالِ المَطامِعُ

وبقي قيس يزورها في كل يوم، فيجلس عندها منذ أول النهار، ويبقي يحدثها حتى يأتي عليهما المساء، فينصرف عائدًا إلى بيته، وفي يوم من الأيام وهو متوجه إلى بيتها يريد لقائها، لقي في الطريق عجوز كبيرة في العمر، سوداء، فتشاءم بسببها، وأنشد قائلًا:

وَكَيفَ يُرَجّى وَصلُ لَيلى وَقَد جَرى
بِجَدِّ القُوى وَالوَصلِ أَعسَرُ حاسِرُ

صَديعُ العَصا صَعبُ المَرامِ إِذا اِنتَحى
لِوَصلِ اِمرِئٍ جَذَّت عَلَيهِ الأَواصِرُ

وبقي قيس على هذه الحال، يكلمها في كل يوم، حتى وقع حبه في قلبها هي الأخرى، وفي يوم من الأيام أتاها، وجلس معها يتحدث إليها، ولكنها أعرضت عنه، وتوجهت إلى غيره وأخذت تتحدث إليه، وكانت غايتها من ذلك أن تختبره، وعندما رأى منها ذلك بان الحزن على وجهه، فخافت عليه وأقبلت إليه، وأنشدته قائلة:

كِلانا مُظهرٌ للناسِ بُغضاً
وكلٌّ عندَ صاحبهِ مكينُ

تبلّغنا العيون بما أَردنا
وَفي القلبينِ ثمّ هَوىً دفينُ

وَأَسرار اللّواحظِ ليسَ تَخفى
وَقد تغري بِذي الخَطأ الظنونُ

وَكَيف يَفوتُ هَذا الناس شيء
وَما في الناسِ تظهرهُ العيونُ

فخف عليه ما هو به، وعلم أنها تحبه، وعندها أخبرته بأنها كانت تمتحنه، وبانها تحبه كما يحبها، وعاهدته بأن لا تجلس مع أحد من الرجال سواه، فأنشد قائلًا:

أَظُنُّ هَواها تارِكي بِمَضَلَّةٍ
مِنَ الأَرضِ لا مالٌ لَدَيَّ وَلا أَهلُ

وَلا أَحَدٌ أُفضي إِلَيهِ وَصيَّتي
وَلا صاحِبٌ إِلّا المَطيَّةُ وَالرَحلُ

مَحا حُبُّها حُبَّ الأُلى كُنَّ قَبلَها
وَحَلَّت مَكاناً لَم يَكُن حُلَّ مِن قَبلُ

فَحُبّي لَها حُبٌّ تَمَكَّنَ في الحَشا
فَما إِن أَرى حُبّاً يَكونُ لَهُ مِثلُ

نبذة عن قيس بن الملوح:

هو قيس بن الملوح، لقب بمجنون ليلى، وهو أحد شعراء العصر الأموي، وهو شاعر غزل.

المصدر: كتاب "مجنون ليلى" تأليف أحمد شوقيكتاب " مجنون ليلى " تحقيق وشرح جلال الدين الحلبي كتاب " الشعر والشعراء " تأليف إبن قتيبة كتاب " الأغاني " تأليف أبو الفرج الأصفهاني


شارك المقالة: