قصة قصيدة هذا غلام كرم الرحمن

اقرأ في هذا المقال


قصة قصيدة هذا غلام كرم الرحمن

أمّا عن مناسبة قصيدة “هذا غلام كرم الرحمن” فيروى بأنه في يوم من الأيام كان الحسين بن علي بن أبي طالب جالسًا في حلقة في المسجد الحرام، وبينما هم جالسون يتناقشون في أمور الدين، التفت أحد الجالسين وكان أعرابيًا إلى من كان بجانبه، وسأله عن الحسين بن علي، قائلًا: من هذا؟، فأخبره من كان بجانبه أنه الحسين بن علي، فقال له: هو من أريد، فقال له: وما الذي تريده منه يا أعرابي؟، فقال له: لقد وصلني بأنه من أهل بيت الحكمة، وإنهم حينما يتكلمون يعربون في كلامهم، وقد قمت بقطع الأودية والجبال حتى وصلت إليه، وأريد أن أتبادل معه الحديث، وأسأله عن ما صعب من اللغة العربية، فقال له الرجل: إذن عليك به.

فوقف الأعرابي وسلم على الحسين، فرد عليه الحسين سلامه، وسأله عن حاجته، فقال له: إني أعرابي، وأكثر قولي من الشعر، فقال له الحسين، أسمعني ما شئت، وسوف أجيبك عنه، فأخذ الأعرابي ينشد قائلًا:

هفا قلبيَ للّهو
وقد ودَّع شَرخيه

وقد كان أنيق الغصن
جرّاري ذيليه

عُلالات ولذاتٌ
فيا سقيا لعصريه

فلما عمَّمَ الشيبُ
من الرأس بطاقيه

وأمسي قد عناني
منذُ تجداد خضابيه

تسلَّيت عن اللّهو
وألقيت بُعاعيه

وفي الدَّهر أعاجيبٌ
لمن يلبس حاليه

فلم يعلم ذوو رأي
أصيل فيه رأييه

لألفى عبرةً منه
له في كرّ يوميه

فقال له الحسين: قد قلت فأحسنت، فاسمع مني فقال:

فما رَبْعٌ شجاني قد
محا آيات رسميه

ومور حرجف تترى
علَى تلبيد نُؤييه

فقال الأعرابي: والله إني لم أر في حياتي مثل هذا الغلام، وأغرب منه كلامًا، وألطف منه لسانًا، وأفصح منه منطقًا، فنظر إليه الحسن، وقال له: اسمع يا أعرابي:

هذا غلام كرَّم الرحمن
بالتطهير جدَّيه

كساه القمر القمقام
من نور سنائيه

وقد أرضيت عن شعري
وقوَّمت عَروضيه

فقال له الأعرابي: بارك الله فيك، والله إني قد أتيتك وأنا كاره لك، وإني مغادر وأنا محب لك، وراض عنك، فجزاك الله عني خير جزاء، ومن ثم خرج منصرفًا.

نبذة عن الحسين بن علي

هو أبو عبد الله الحسين بن علي بن أبي طالب، وابن فاطمة الزهراء ابنة رسول الله صل الله عليه وسلم، ولد في المدينة المنورة، وتوفي في كربلاء في العراق.

المصدر: كتاب "مستدرك سفينة البحار" تأليف الشيخ علي النمازي الشاهروديكتاب " الصراط المستقيم" تأليف علي بن يونس كتاب "الشعر والشعراء" تأليف ابن قتيبة كتاب "البداية والنهاية" تأليف ابن كثير


شارك المقالة: