للخلفاء العباسيين قصص وحكايات مع الجواري، واليوم نقص عليكم إحدى قصص الخليفة العباسي إبراهيم بن المهدي مع إحدى جواري بغداد.
من هو إبراهيم بن المهدي؟
أبو إسحاق إبراهيم بن المهدي بن أبي جعفر المنصور، ثامن الخلفاء العباسيين، ولد في بغداد، وتوفي فيها.
قصة قصيدة هذا محبك مطوي على كمده
أما عن مناسبة قصيدة “هذا محبك مطوي على كمده” فيروى بأن إبراهيم بن المهدي خرج في يوم من الأيام من قصره للتنزه، وكان متنكرًا، وبينما هو في مسيره وصل إلى مكان شم فيه رائحة طعام قد فاحت، فاشتهى أن يأكل منه، ووقف لا يستطيع المغادرة، وبينما هو واقف رفع رأسه ورأى شباك، وخلف هذا الشباك يد فتاة لم يرى من قبل أحسن منها، فوقف حائرًا، ونسي أمر الطعام، والتهى بيدها، وأراد أن يكلمها، ففكر في حيلة لكي يكلمها.
وكان هنالك خياط بالقرب منه، فاتجه صوبه، ورد عليه السلام، فرد عليه الخياط سلامه، ومن ثم قال له إبراهيم: لمن هذا البيت؟، فأخبره بأنه لرجل من التجار، فسأله عن اسمه، فأخبره به، فسأله إن كان يشرب الخمر، فرد عليه قائلًا: نعم، ومن ثم قال له: وأحسب أن عنده اليوم وليمة، وهو لا ينادم سوى التجار، وبينما هما يتكلمان، أقبل رجلان على حصانيهما، وكان يبدو عليهما بأنهما من النبلاء، فأخبره الخياط بأنهما من أقرب الناس لذلك التاجر، وأعلمه باسميهما، فخرج من عند الخياط، ولحق بهما حتى أدركهما.
وعندما أدركهما، أوقفهما، وقال لهما: لقد تأخرتما على وليمة فلان التاجر، وسار معهما حتى دخلوا إلى بيت التاجر، وعندما رآه صاحب الدار لم يشك بأنه ليس معهما، ورحب به، وأجلسه، وعندما أتت الوليمة، قال إبراهيم بن المهدي في نفسه: لقد من الله علي بالطعام، ولم يبق سوى أن أرى الجارية، ومن بعد أن أكملوا تناول الطعام، اتجهوا صوب مجلسه، وجلسوا يشربون الخمر، وبينما هم على هذه الحال، دخلت تلك الجارية، وردت عليهم السلام، ومن ثم أخذت العود، وبدأت تنشد قائلة:
أليس عجيباً أن بيتاً يضمني
وإياك لا نخلو ولا نتكلمُ
سوى أعينٍ تبدي سرائرَ أنفسٍ
وتقطيعُ أنفاسٍ على النار تُضرم
اشارةُ افواهٍ وغمزُ حواجبٍ
وتكسير أجفانٍ وكفٌّ يُسلِّم
فطرب إبراهيم بن المهدي من حسنها وجمال صوتها، وقال لها: لقد بقي عليك شيء، فغضبت الجارية وقالت: متى كنتم تحضرون البغضاء إلى مجالسكم؟، فندم إبراهيم على ما قال، ومن ثم تناول العود، وأخذ ينشد قائلًا:
هذا محبك مطويٌّ على كمده
وجداً مدامعهُ تجري على جسده
يقول الشاعر في هذا البيت بأنه بسبب حبه لمحبوبته، وشوقه لها، أصبح مطويًا بسبب حزنه، ودموعه من شدتها جرت على كل جسده.
له يدٌ تسأل الرحمنَ رحمتهُ
بما به ويدٌ أخرى على كبده
يا من رأى كلفاً مستعبداً دنفاً
كانت منيتهُ في عينه ويده
الخلاصة من قصة القصيدة: رأى إبراهيم بن المهدي في يوم يد جارية، فقرر أن يراها، واحتال على صاحبها لكي يدخل إلى منزله، وبعد أن جلس معه، دخلت الجارية، وغنت أبياتًا من الشعر، فرد عليها إبراهيم بن المهدي بقصيدة.