قصة قصيدة هنيئا لك المال الذي قد أخذته:
بالنسبة لمناسبة قصيدة “هنيئا لك المال الذي قد أخذته”، فيروى بأنه في يوم رأى أعرابي جارية معروضة للبيع، فأعجب بها وقرر أن يشتريها، فذهب إلى منزله من فوره وأتى بالنقود اللازمة لكي يقوم بشرائها، وذهب إلى السوق واشتراها، وأخذها عنده إلى البيت، وعندما عاشت معه، ووجدها تجيد قراءة القرآن وتجيد الشعر وتحسن قص الروايات، أحبها هذا الرجل حبًا شديدًا، وقام بإنفاق جميع ماله على هذه الجارية، حتى ذهب كل ماله وأفلس، ولم يبق عنده شيء إلا هذه الجارية.
وبعد أن أفلس هذا الرجل، وفي يوم من الأيام وبينما هو جالس معها، قالت له: يا مولاي إني أرى ما بك من قلة الحيلة، وفقر الحال، فيجب عليك يا مولاي أن تقوم ببيعي، لعل حالك يصلح، فوافق هذا الرجل، وذهب إلى أمير البصرة في ذلك الوقت، وهو عمر بن عبيد الله بن معمر، بمائة ألف درهم، وعندما سلم الجارية لعمر بن عبيد الله ندم وهي ندمت، وأخذت تنشد قائلة:
هَنِيئًا لَكَ الْمَالُ الَّذِي قَدْ أَخَذْتَهُ
وَلَمْ يَبْقَ فِي كَفِّي إِلَّا تَفَكُّرِي
أَقُولُ لِنَفْسِي وَهِيَ فِي كَرْبِ غَشْيَةٍ
أَقَلِّي فَقَدْ بَانَ الْخَلِيطُ أَوْ أَكْثَرِي
إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْأَمْرِ عِنْدَكِ حِيلَةٌ
وَلَمْ تَجِدِي بُدًّا مِنَ الصَّبْرِ فَاصْبِرِي
فأجابها سيدها قائلًا:
وَلَوْلَا قُعُودُ الدَّهْرِ بِي عَنْكِ لَمْ يَكُنْ
لِفُرْقَتِنَا شَيْءٌ سِوَى الْمَوْتِ فَاعْذُرِي
أَؤوبُ بِحُزْنٍ مِنْ فِرَاقِكِ مُوجِعٍ
أُنَاجِي بِهِ قَلْبًا طَوِيلَ التَّذَكُّرِ
عَلَيْكِ سَلَامٌ لَا زِيَارَةَ بَيْنَنَا
وَلَا وَصْلَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ ابْنُ مَعْمَرِ
وسمع عمر بن عبيد الله ما دار بينهما، ورأى ما فيهما من وجع على فراق بعضهما البعض، فقال لهما: والله إني لن أفرق بين محبين فأمر رجاله أن يعطوا هذا الرجل المال الذي له، وبأن يردوا له جاريته، فأخذ الرجل المال والجارية وتوجه عائدًا إلى بيته.
حالة الشاعرة عندما ألقت هذه القصيدة:
كانت حالة الشاعرة عندما ألقت هذه القصيدة الحزن على فراق سيدها، والخوف من الأيام التي سوف تأتي عليها من دونه، ومعاتبته على بيعه لها.