قصة قصيدة وإذا الحجيج إلى المشاعر أوجفوا
أمّا عن مناسبة قصيدة “وإذا الحجيج إلى المشاعر أوجفوا” فيروى بأن جرير بن عطية كان قد اشتهر بالفصاحة وسرعة البديهة، وبسبب ذلك شهد له كافة العرب، واشتهر بين كافة القبائل التي تقطن في منطقة الجزيرة العربية، وفي يوم من الأيام وصله كتاب من قبيلة كنانة، ففتحه وقرأ ما جاء به، وإذ به: نحن أهل قبيلة كنانة، نشهد جميعنا رجال ونساء، كبار وصغار، من كان عاقلًا منا ومن كان مجنون، على أنّ جرير بن عطية بن حذيفة الخطفي بن بدر الكلبي اليربوعي، قد حاز وبقوة على ما يؤهله لكي يكون واحدًا من كبار القوم وشرفائهم، وما هذا الكتاب إلا لحفظ مصداقية جرير وكرامته وعروبته.
وفي يوم من الأيام بعثت له قبيلة قضاعة بكتاب، وكانوا قد كتبوا به: نحن قبيلة قضاعة نشهد لجرير “وذكروا اسمه كاملًا في الكتاب”، بالصدق والكرامة والعروبة، فمدحهم جرير بقصيدة قال فيها:
وَإِذا الحَجيجُ إِلى المَشاعِرِ أَوجَفوا
فَاِسأَل كِنانَةَ وَاِسأَلِ الأَنصارا
وَاِسأَل ذَوي يَمَنٍ إِذا لاقَيتَهُم
وَاِسأَل قُضاعَةَ كُلَّها وَنِزارا
مَن كانَ أَثبَتَ بِالثُغورِ مَنازِلاً
وَمَنِ الأَعَزُّ إِذا أَجارَ جِوارا
نَحنُ الحُماةُ غَداةَ جَوفِ طُوَيلِعٍ
وَالضارِبونَ بِطِخفَةَ الجَبّارا
هَل تَعرِفونَ عَلى ثَنِيَّةِ أَقرُنٍ
عَبساً غَداةَ أَضَعتُمُ الأَدبارا
وَدَعَت غَمامَةُ بِالوَقيطِ فَنازَعَت
حَبلَ المَذَلَّةِ عَثجَلاً وَضِرارا
يا لَيتَ نِسوَتَكُم دَعَونَ فَوارِسي
وَثُدِيُّهُنَّ تُزاحِمُ الأَكوارا
إِنّي لَأَفخَرُ بِالفَوارِسِ فَاِفتَخِر
بِالأَخبَثينَ شَمائِلاً وَنِجارا
وَإِذا تُبودِرَتِ المَكارِمُ وَالعُلى
رَجَعَت أَكُفُّ مُجاشِعٍ أَصفارا
عَدّوا خَضافِ إِذا الفُحولُ تُنُجِّبَت
وَالجَيثَلوطَ وَنَخبَةً خَوّارا
نبذة عن جرير بن عطية
هو أبو حزرة جرير بن عطية بن حذيفة الخطفي بن بدر بن سلمة بن عوف بن كليب بن يربوع بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم، كريم النسب، ولد في عام ستمائة وخمسون ميلادي في نجد في الجزيرة العربية، وهو أحد أشهر شعراء العصر الأموي، اشتهر بشعر الهجاء، فقد أحد أفضل الشعراء في الهجاء على مر العصور.
كان بينه وبين الفرزدق نقائض، واعتاد الاثنان على هجاء بعضهما البعض، توفي جرير في عام سبعمائة وثمانية وعشرين ميلادي في نجد.