نقص عليكم اليوم شيئًا من خبر الملك الناصر داود، ومحاولته مقابلة الإمام الناصر في بغداد.
من هو الملك الناصر داود بن الملك المعظم؟
هو السلطان الملك الناصر صلاح الدين أبو المفاخر داود ابن السلطان الملك المعظم عيسى ابن العادل، ملك الكرك في المملكة الأيوبية.
قصة قصيدة ودان ألمت بالكثيب ذوائبه
أما عن مناسبة قصيدة “ودان ألمت بالكثيب ذوائبه” فيروى بأن الملك الناصر داود بن الملك المعظم، وهو صاحب الكرك، كان كامل الفضل حسن السيرة، لم يرد عنه ما يسوؤه، ولكنه وعلى الرغم من كل ذلك كان منكدًا مشتتًا في البلاد، وفي يوم من الأيام توجه إلى بغداد، ودخل إليها، وكان معه كبير القضاة ابن بصاقة، وكان معه أيضًا الشيخ شمس الدين الخرشاهي، وقد كان معه كمية من الجواهر النفيسة.
وعندما وصل إلى بغداد ودخلها، توجه إلى قصر الإمام الناصر، وطلب الدخول إلى مجلسه، والوقوف بين يديه، لكي يشاهده أمام الناس جميعًا، ولكن الوقوف بين يديه لم يكن مقدرًا له، فقد رفض الخليفة أن يدخله إلى مجلسه، وبقي مصرًا على رفضه حتى مدحه الملك الناصر بقصيدة قال فيها:
ودانٍ ألمّت بالكثيبِ ذوائِبُه
وجنحُ الدّثجى وحفٌ تجولُ غياهِبُه
تُقهقهُ في تلكَ الرُّبوعِ رعودُهُ
وتبكي على تلك الطُّلولِ سحائبُه
أرِقتُ له لمّا توالت بروقُه
وحُلّت عزاليهِ وأُسبلَ ساكبُه
الى أن بدا مِن أشقرِ الصُّبحِ قادمٌ
يُراعُ له من أدهمِ اللَّيلِ هاربُه
وأصبحَ ثغرُ الأُقحوانةِ ضاحكاً
تُدغدغُهُ ريحُ الصّبا وتُداعِبُه
تمرُّ على نبتِ الرّياضِ بليلةً
تُجمّشُهُ طوراً وطوراً تلاعِبُه
وأقبلَ وجهُ الأرضِ طلقاً وطالما
غدا مكفراً موحشاتٍ جوانبُه
كساهُ الحيا وشياً من النّبتِ فاخراً
فعادَ قشيباً غورُه وغواربُه
كما عادَ بالمستنصرِ بنِ محمدٍ
نظامُ المعالي حينَ قلّت كتائبُه
امامٌ تحلّى الدين منه بماجدٍ
تحلّت بآثارِ النبيِّ مناكِبُه
يمدح الشاعر في هذا البيت الإمام الناصر ويقول بأن الدين قد زاد مجده بسببه، وقد تحلت بآثار النبي أكتافه.
الخلاصة من قصة القصيدة: كان الملك الناصر داود على الرغم من كمال صفاته وحسن سيرته مشتتًا في البلاد، وفي يوم دخل إلى بغداد وحاول الدخول إلى مجلس الإمام الناصر، ولكن الإمام الناصر رفض أن يدخله حتى مدحه بقصيدة.