قصة قصيدة وزائرتي كأن بها حياء

اقرأ في هذا المقال


تعتبر قصيدة “وزائرتي كأن بها حياء” من أبرز قصائد الشاعر العربي الكبير أبي الطيب المتنبي، وهي واحدة من أكثر قصائده التي حظيت بالاهتمام والدراسة من قبل النقاد والباحثين. تتناول القصيدة معاناة الشاعر الشديدة من الحمى التي ألمت به في مصر، ووصفه الدقيق لأعراض المرض وآثاره النفسية والجسدية عليه. فيما يلي سنتعرف على قصة القصيدة وأبعادها الفنية والمعنوية.

قصيدة وزائرتي كأن بها حياء

أمّا عن مناسبة قصيدة “وزائرتي كأن بها حياء” فيروى بأنه في ليلة من ليالي الشتاء الباردة، وقد كانت الدنيا مظلمة ظلامًا دامسًا، وبينما كان أبو الطيب المتنبي جالسًا في بيته، مرض فجأة ومن دون سابق إنذار، وقد كان في وقتها قد أثقل بالجراح التي رماه بها الزمان، ولم يكن فيه مكان لضربة سيف أو رمية سهم، فأنشد فيها قصيدة قال فيها بأنها أتته خلسة في هدوء الليل، كأنها فتاة لا تأتيه إلا عندما يحل الظلام، خوفًا من عيون الناس، وبأنه قد قدم لها كل ما تشتهيه النفس من أفضل الثياب، وأفخر الفرش، ولكنها رفضت كل ذلك، وأصرت على أن تسكن جسده النحيل، الذي لا يمكن له أن يتسع لها، ولكنها على الرغم من ذلك أصرت على الدخول إليه، ونشرت فيه الأوجاع والآلام والسقام، وفي هذه القصيدة قال:

وَزائِرَتي كَأَنَّ بِها حَياءً
فَلَيسَ تَزورُ إِلّا في الظَلامِ

بَذَلتُ لَها المَطارِفَ وَالحَشايا
فَعافَتها وَباتَت في عِظامي

يَضيقُ الجِلدُ عَن نَفسي وَعَنها
فَتوسِعُهُ بِأَنواعِ السِقامِ

إِذا ما فارَقَتني غَسَّلَتني
كَأَنّا عاكِفانِ عَلى حَرامِ

كَأَنَّ الصُبحَ يَطرُدُها فَتَجري
مَدامِعُها بِأَربَعَةٍ سِجامِ

أُراقِبُ وَقتَها مِن غَيرِ شَوقٍ
مُراقَبَةَ المَشوقِ المُستَهامِ

وَيَصدُقُ وَعدُها وَالصِدقُ شَرٌّ
إِذا أَلقاكَ في الكُرَبِ العِظامِ

أَبِنتَ الدَهرِ عِندي كُلُّ بِنتٍ
فَكَيفَ وَصَلتِ أَنتِ مِنَ الزِحامِ

جَرَحتِ مُجَرَّحاً لَم يَبقَ فيهِ
مَكانٌ لِلسُيوفِ وَلا السِهامِ

أَلا يا لَيتَ شَعرَ يَدي أَتُمسي
تَصَرَّفُ في عِنانٍ أَو زِمامِ

نبذة عن أبو الطيب المتنبي

هو أبو الطيب أحمد بن الحسين بن الحسن بن عبد الصمد الجعفي الكندي الكوفي، من أعظم شعراء العرب، وهو شاعر من العصر العباسي ولد في عام ثلاثمائة وثلاثة للهجرة في مدينة الكوفة في العراق، وقد كان متمكنًا من اللغة العربية، ومن أعلم الناس بقواعدها ومفرداتها، وقد كان ذو كمكانة عالية لم تكن عند غيره من الشعراء العرب في العصر الإسلامي وما يليه من العصور.

اقرأ المزيد عن أبو الطيب المتنبي: أبو الطيب المتنبي.

كان شاعرًا حكيمًا ذكيًا ومجتهدًا، وكانت معظم قصائده في الفخر في نفسه، كما أنه قد قام بمدح الملوك في العديد منها، وقد بدأ بنظم الشعر في سن التاسعة.

اتصل بسيف الدولة الحمداني، وتوفي في عام ثلاثمائة وأربعة وخمسون للهجرة في مدينة بغداد في العراق.

أبعاد فنية ومعنوية لقصيدة وزائرتي كأن بها حياء

تتميز قصيدة “وزائرتي كأن بها حياء” بعدة أبعاد فنية ومعنوية، منها:

  • الوصف الدقيق للمرض: استطاع المتنبي أن يصف أعراض المرض بدقة متناهية، وكأنه يرسم لوحة حية لمعاناته.
  • الاستعارات والمجازات: استخدم الشاعر العديد من الاستعارات والمجازات لوصف حالته المرضية، مما زاد من قوة التعبير وجمال الصورة الشعرية.
  • الشعور بالوحدة والمعاناة: يعكس الشاعر في هذه القصيدة شعوره بالوحدة والمعاناة، حيث يصف نفسه وهو وحيد في مواجهة المرض.
  • التفلسف في المرض: لم يقتصر المتنبي على وصف معاناته الجسدية، بل تناول أيضًا الأبعاد الفلسفية للمرض، حيث ربط بين معاناته الشخصية ومعاناة الإنسان بشكل عام.
  • الأمل في الشفاء: على الرغم من شدة المعاناة، إلا أن الشاعر لم يفقد الأمل في الشفاء، حيث عبر عن أمله في أن يزول المرض ويعود إلى حالته الطبيعية.

أهمية قصيدة وزائرتي كأن بها حياء

تعتبر قصيدة “وزائرتي كأن بها حياء” من أهم القصائد في التراث العربي، وذلك لعدة أسباب:

  • وصف واقعي للمرض: قدمت القصيدة وصفًا دقيقًا وواقعيًا للمرض، مما جعلها مرجعًا مهمًا للأطباء والباحثين.
  • عمق المعاني: تتضمن القصيدة معاني عميقة تتجاوز وصف المرض، حيث تتناول قضايا وجودية مثل الحياة والموت والمعاناة.
  • جمال الأسلوب: تتميز القصيدة بجمال الأسلوب وبراعة التعبير، مما جعلها تحظى بشهرة واسعة.

شارك المقالة: