قصة قصيدة وكدت إغلاظا من الإيمان

اقرأ في هذا المقال


قصة قصيدة وكدت إغلاظا من الإيمان:

أمّا عن مناسبة قصيدة “وكدت إغلاظا من الإيمان” فيروى بأنّه في يوم دخل رجل يدعى عمر بن معد يكرب على أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، فقال له عمر: حدثني عن أجبن من قابلت، وأحيلهم وأشجعهم، فقال بن معد: في يوم خرجت إلى غارة، وبينما أنا أسير، إذ برجل جالس وبجانبه فرسه ورمحه، فأتيته وقلت له: احذر، فإني سوف أقتلك، فقال لي من أنت: فأخبرته، فشهق شهقة ومات من فوره، وهذا أجبن من رأيت في حياتي.

وفي يوم من الأيام خرجت، وأخذت أسير حتى وصلت إلى حي من أحياء العرب، وبينما أنا سائر في هذا الحي، وجدت رجلًا جالسًا، وبجانبه حصانه ورمحه، فقلت له: احذر فإني سوف أقتلك، فقال لي: من أنت؟، فأخبرته، فقال لي: وهل سوف تقتلني وأنا على الأرض وأنت على ظهر حصانك؟، والله إنّك ما أعطيتني حقي إن فعلت ذلك، أريد منك عهدًا أن لا تقتلني حتى أركب حصاني، فعاهدته، فعاد وجلس، وقال لي: لن أركب حصاني، ولن أقاتلك، وإنك لن تنكث بعهدك، فتركته وغادرت، وهو أحيل من رأيت.

وفي يوم من الأيام خرجت في غارة، وبينما أنا سائر، وجدت فارسًا، وعندما اقترب مني، سلم علي فرددت عليه سلامه، وقلت له: من أنت؟، فقال: أنا الحرث بن سعد، فقلت له: احذر، فإنّي سوف أقتلك، فقال لي: ومن أنت، فأخبرته، فقال لي: أنت ذليل حقير، والله لولا أنّي أستصغرك لقتلتك، فاستصغرت نفسي، وقررت أن أقتله، وقلت له: سوف أقتلك، والله لن يغادر من هنا إلا واحد منا، فقال لي: حسنًا، فاختر هل تتبعني أم أتبعك أنا؟، فقلت له: أتبعك أنا، فصعد على حصانه، وبدأ يبتعد، فضربته بالرمح، وظننت أني قتلته، ولكنه تجنبه، وعاد باتجاهي، وكاد أن يقتلني، ولكنّه لم يفعل، وقال لي: لولا أنّي أكره أن أقتل من هو مثلك لقتلتك، فكرهت نفسي، وتمنيت الموت.

وطلبت منه أن نعيد الكرة مرة أخرى، فوافق، وابتعد على ظهر حصانه، وضربته بالرمح، ولكنّه تجنبه مرة أخرى، وعاد باتجاهي، وكاد أن يقتلني، ولكنه لم يفعل، وقال لي: هذه الثانية يا عمرو، فكرهت نفسي أكثر وأكثر، وطلبت أن نعيدها ثالثة، فوافق، وابتعد على حصانه، وضربته بالرمح، ولكنه استطاع أن يتجنبه، وعاد إلي وكاد أن يقتلني، ولكنّه لم يفعل، وقال لي: هذه الثالثة، ولولا أني أكره أن أقتل من هو مثلك لقتلتك، فقلت له: اقتلني، ولا تخبر أحدًا بذلك، فقال لي: لقد عفوت عنك ثلاثًا، ولو أنّنا فعلناها رابعة لقتلتك، ثم أنشد قائلًا:

وكدت إغلاظاً من الإيمان
إن عدت يا عمرو إلى الطعان

لتجدن لهب السنان
أولاً فلست من بني شيبان

وكان هذا أشجع من رأيت.

نبذة عن الحارث بن سعد:

هو الحارث بن سعد، يلقب بفارس الشهباء، من أشجع العرب في الجاهلية، وهو شاعر.

المصدر: كتاب " الشعر والشعراء " تأليف أبي قتيبة كتاب " الإغاني " تأليف أبو فرج الإصفهاني كتاب "إعلام الناس بما وقع للبرامكة" تأليف الإتليديكتاب" روائع أقوال العرب " جمع و إعداد وائل المرعشلى


شارك المقالة: