قصة قصيدة وكنت متى أرسلت طرفك رائدا
أمّا عن مناسبة قصيدة “وكنت متى أرسلت طرفك رائدا” فيروى بأن الأصمعي قرر في يوم من الأيام الخروج من دياره، والتجول في أحياء العرب، وبالفعل خرج يومها، وأخذ يهيم في أحياء العرب، حتى وصل إلى ماء لحي من أحيائهم، ولم يكن هنالك أحد على تلك الماء سواه، فجلس يستريح على تلك الماء بعد أن شرب، وبينما هو أتى جماعة من الناس وجلسوا بالقرب منه، وبعد فترة سمع الجماعة الذين بجواره وهم يقولون: ها قد جاءت، ها قد جاءت، ومن ثم قاموا مسرعين إلى مكان قريب من الماء، فقام الأصمعي ولحق بهم.
وعندما لحق بهم وأدركهم، وجدهم واقفون يطالعون فتاة وردت إلى الماء، وعندما نظر إلى الفتاة دهش من شدة جمالها، فلم ير من قبل فتاة بجمالها قط، وكانت هذه الفتاة تامة الخلق، فأخذ ينظر إليها حتى أطال، وبينما هو ينظر إليها انتبهت الفتاة إليه، وإلى بقية الرجال، فقامت ووضعت برقعها على رأسها ووجهها، فأحس الأصمعي بأن غمامة قد غطت الشمس، واتجه صوبها، وقال لها: لم تمنعينا من النظر إلى وجهك الجميل، فالتفتت الفتاة إلى الأصمعي، ومن ثم أخذت تنشد قائلة:
وكنت متى أرسلت طرفك رائدا
لقلبك يوما أتعبتك المناظر
رأيت الذي لا كله أنت قادر
عليه ولا عن بعضه أنت صابر
وعندما انتهت الفتاة من شعرها، اقترب منها رجل من الجماعة الذين كانوا ينظرون إليها، وقال لها: والله إني ممن كان صبرهم قد نفذ، ومن ثم أخذ ينشد قائلًا:
أوحشية العينين أين لك الأهل
أبا لحزن حلوا أم محلهم السهل
وأية أرض أخرجتك فإنني
أراك من الفردوس إن فتش الأصل
قفي خبرينا ما طعمت وما الذي
شربت ومن أين استقل بك الرحل
لأن علامات الجنان مبينة
عليك وإن الشكل يشبهه الشكل
تناهيت حسنا في النساء فإن يكن
لبدر الدجى نسل فأنت له نسل
نبذة عن قائلة القصيدة
هي شاعرة من شاعرات العصر العباسي، عاسرت الأصمعي، ولم يرد ذكر اسمها، أو أي معلومات عنها في كتب التاريخ.