ما لا تعرف عن قصة قصيدة “ولله عندي في الإسار وغيره”:
أمَّا عن قصة قصيدة “ولله عندي في الإسار وغيره” عندما وقع أبو فراس الحمداني أسيرًا عند الروم في القسطنطينية أكرمه ملك الروم أكرامًا لم يكرمه لأسيرٍ من قبله حيث كان من تقاليدهم أن لا يركب الأسير في مدينتهم دابةً قبل أن يلقى ملكهم وأنْ يمشي في ملعب في المدينة.
حيث كان يدعى “البطوم” مكشوف الرأس ويسجد فيه ثلاث سجداتً أو أكثر وبعدها يقوم الملك بالدوس على رقبته في المجمع. هنالك ما يدعى بمجمع “النوري” وذلك لكي يعرف الأسرى عظمة وقوة مملكة الروم ودب الرعب والذل في قلوبهم.
ولكن ملك الروم قد اعفاهُ من كافة تلك العقوبات حيث قام بنقله إلى بيت خاص به ووكل له خادمًا يخدمه وأمر بإكرامه، وأمر له بطبيب يعالجه ويشرف على حالته الصحية إلى أن يتعافى، فقد طلب أبو فراس الحمداني بعضًا من أسرى المسلمين فأمر ملك الروم بنقلهم إلى بيته فوهب الله له العافية ورزقه الكرامة والجاهِ وأصبح صديقًا لملك الروم.
لم يكن سيف الدولة الحمداني يبقي على أسرى الروم عنده وكان عنده في تلك الفترة ثلاثة آلاف أسير من الروم وكانوا من العساكر والعمال فقام أبو فراس الحمداني ببيعهم بمائتي ألف دينار رومية على أن يوقع ملك الروم على الفداء وبعد أن ضمن أبو فراس المال والمسلمين وخرج بهم من القسطنطينية وإتجه إلى منطقة تدعى “خرشنة” والتقى هنالك ببعثة سيف الدولة التي كانت تتنظره ومن معه من أسرى المسلمين قام بكتابة هذه الأبيات حيث أنّه قد عقد هدنة مع ملك الروم لم تعقد من قبله مع أسير، فقال:
وَلِلَّهِ عِندي في الإِسارِ وَغَيرِهِ
مَواهِبُ لَم يُخصَص بِها أَحَدٌ قَبلي
حَلَلتُ عُقوداً أَعجَزَ الناسَ حَلُّها
وَما زالَ عَقدي لايُذَمُّ وَلا حَلّي
إِذا عايَنَتني الرومُ كَفَّرَ صَيدُها
كَأَنَّهُمُ أَسرى لَدَيَّ وَفي كَبلي
وَأَوسَعُ أَيّاً ماحَلَلتُ كَرامَةً
كَأَنِّيَ مِن أَهلي نُقِلتُ إِلى أَهلي
فَقُل لِبَني عَمّي وَأَبلِغ بَني أَبي
بِأَنِّيَ في نَعماءَ يَشكُرُها مِثلي
وَماشاءَ رَبّي غَيرَ نَشرِ مَحاسِني
وَأَن يَعرِفوا ماقَد عَرَفتُ مِنَ الفَضلِ