قصة قصيدة وله لحية تيس وله منقار نسر
أمّا عن مناسبة قصيدة “وله لحية تيس وله منقار نسر” فيروى بأن حركة الصعلكة في العصر العباسي كانت مختلفة في أبعادها وأدواتها عن حركة الصعلكة في العصر الأموي والعصر الإسلامي، وكذلك في العصر الجاهلي، لأن الإسلام في عصر الرسول صل الله عليه وسلم وفي فترة خلافة الخلفاء الراشدين قام بتجفيف منابعها.
وحركة الصعلكة في العصر العباسي كانت منتشرة في المدن والأماكن المتحضرة، ولم تعد منشرة في الصحراء كما كانت من قبل، فقد استقر الصعاليك في ذلك العصر مع زوجاتهم وأبنائهم في هذه المدن، وهذا جعلهم يحرصون على الاعتناء بأبنائهم ويعطفون عليهم على العكس مما كان عليه الصعاليك في العصر الجاهلي، والذين كانوا فرسان مغامرون لا يبالون بالموت، ولا يخافون منه.
ومن الطرق التي اتبعها الصعاليك في العصر العباسي هي الهجاء الساخر، فقد اعتاد الصعاليك في ذلك العصر على القاء هذا النوع من الشعر على عامة الناس والغلمان لكي يقومون بترديده، مما أجبر الرجل الذي قاموا بهجائه على دفع المال لهم، وكان ممن يفعل ذلك أبو فرعون الساسي، وأبو الشمقمق، وأبو الينبعي، والحمدوني، فقد كان هؤلاء يكثرون من الفحش في هجائهم، وقد كانت ألسنتهم خبيثة، وكانوا يسارعون إلى أعراض الناس في القبح والرذالة، وكان من ذلك ما قال أبو الشمقمق في رجل يقال له داوود بن بكر، وهو والي فارس والأهواز عندما مدحه في يوم من الأيام، ولكنه لم يعطه مالًا مقابل مدحه إياه، فقال فيه:
وله لحية تيس وله منقار نسر
وله نكهة ليث خالطت نكهة صقر
نبذة عن أبي الشمقمق
هو أبو الشمقمق مروان بن محمد، ولد في عام مائة واثنا عشرة للهجرة في بخارى، وهو واحد من شعراء العصر العباسي، كان من موالي بني أمية، وهو شاعر اشتهر بشعر الهجاء.
عاصر أبو الشمقمق العديد من الشعراء الكبار مثل بشار بن برد وأبي العتاهية وأبي نواس ومروان بن أبي حفصة، وله هجاء في يحيى البرمكي.
لقب بأبي الشمقمق بسبب طوله، وكان بالإضافة لطوله صاحب أنف كبير، وجهه قبيح، توفي في عام مائتان للهجرة في مدينة بغداد في العراق.