أدت الخصومة بين الأمين والمأمون إلى قتل الأمين، فقام العديد من الشعراء برثاء الأمين، وهذا ما لم يرضي المأمون، ومن هؤلاء الشعراء شاعرنا لهذا اليوم وهو الحسين بن الضحاك، الذي عوتب من قبل الخليفة المأمون بسبب القصائد التي أنشدها يرثي الأمين.
من هو الحسين بن الضحاك؟
أبو علي الحسين بن الضحاك الباهلي، شاعر من شعراء العصر العباسي، ولد في مدينة البصرة في العراق.
قصة قصيدة ومما شجا قلبي ويسكب عبرتي
أما عن مناسبة قصيدة “ومما شجا قلبي ويسكب عبرتي” فيروى بأنه بعد أن قام جنود من خراسان تابعون للطاهر بن عيسى بأسر الخليفة العباسي محمد الأمين وقتلوه بأمر من طاهر بن عيسى، وقاموا بقطع رأسه، وعندما انتشر خبر مقتله، قام العديد من الشعراء برثائه، ومنهم الحسين بن الضحاك فقد أنشد الحسين وهو يشعر بالحزن على وفاته قصيدة قال فيها:
ومما شجا قلبي ويسكب عبرتي
محارمُ من آل الرسول استحلتِ
يرثى الشاعر الخليفة الأمين، ويقول بأن ما يحزنه، ويدمع عيناه أن محارم رسول الله صل الله عليه وسلم قد استحلت من قبل قتلة الأمين.
ومهتوكة بالخلدِ عنها سجوفها
كعابٌ كقرن الشمس حين تبدَّتِ
إذا خفرتها روعةٌ من منازعٍ
لها المرط عادت بالخشوع ورنَّتِ
وسرب ظباءٍ من ذؤابةِ هاشمٍ
هتفن بدعوى خير حيٍّ وميتِ
أردُّ يداً مني إذا ما ذكرته
على كبدٍ حرى وقلبٍ مفتَّتِ
فلا باتَ ليلُ الشامتين بغبطةٍ
ولا بلغت آمالُهم ما تمنتِ
وفي يوم من الأيام وبعد وفاة الخليفة الأمين بفترة من الزمان، دخل حسين بن الضحاك إلى مجلس الخليفة المأمون، فسأله الخليفة عن سبب كثر رثاءه لأخيه الأمين، وخاصة عن هذه القصيدة، وسأله إن كان قد رأى في يوم مقتل أخيه الأمين امرأة من الهواشم قد قتلت، فقال له الضحاك: لا والله يا مولاي، فقال له الخليفة: إذًا لماذا أنشدت هذه القصيدة؟، فقال له: يا مولاي، ما هي إلا لوعة قد غلبت علي، وروعة قد فاجأتني، ونعمة أخذت مني من بعد أن غمرتني، وإحسان منه لي قد شكرته علي فأنطق لساني، وسيد أحببته وفقدته فقلقت بسببه، فإن قررت أن تعاقبني فهذا حق لك، وإن أردت أن تعفو فيكون فضلًا منك.
ومن بعد أن سمع الخليفة المأمون اعتذاره قال له وهو يبكي: لقد عفوت عنك، وأمرت بإعادة ما كان لك إليك، وأن تعطى ما فاتك على أكمل وجه، وقد جعلت عقوبتك على ما فعلت امتناعي عنك.