قصة قصيدة ونبئت أن أبا منذر:
أمّا عن مناسبة قصيدة “ونبئت أن أبا منذر” فيروى بأن الحارث الجفني ملك الغساسنة، كان في يوم متعكر الحال، مشغول البال، فخطر في باله الشاعر حسان بن ثابت، فأرسل أحد رجاله في طلبه لعله يهون عليه ما هو به، فتوجه الرجل من فوره إلى بيته، ودق عليه الباب، فخرج إليه حسان، وأخبره الرجل بأن الحارث يريده في مجلسه، فدخل حسان بن ثابت إلى بيته ولبس أفضل ما عنده من ملابس، وتعطر بأجمل الروائح، وركب حتى وصل إلى قصر الملك، واستأذن للدخول إليه، فأذن له.
وعندما دخل حسان بن ثابت إلى مجلس الملك، ووقف بين يديه، قال له: أنعمت صباحًا يا مولاي، لعل السماء تكون لجلالتك غطاءً، والأرض تكون لك وطاءً، ونكون أنا وأمي وأبي لك فداءً، لقد سمعت بأن المنذر يناوئك على عرشك، فوالله إنّ أنفك أفضل من وجهه، وأمك أحسن من أبيه، وظلك خير من شخصه، وصمتك أبلغ من كلامه، وشمالك خير من يمينه، ثم أنشد يقول:
وَنُبِّئتُ أَنَّ أَبا مُنذِرٍ
يُساميكَ لِلحَدَثِ الأَكبَرِ
قَذالُكَ أَحسَنُ مِن وَجهِهِ
وَأُمُّكَ خَيرٌ مِنَ المُنذِرِ
وَيُسرى يَدَيكَ إِذا أَعسَرَت
كَيُمنى يَدَيهِ فَلا تَمتَري
وَشَتّانَ بَينَكُما في النَدى
وَفي البَأسِ وَالخُبرِ وَالمَنظَرِ
فسرّ الملك الحارث الجفني بما سمع من حسان بن ثابت، وأمر له بأفضل العطايا، وأجزل عليه.
نبذة عن الشاعر حسان بن ثابت:
هو أبو الوليد حسان بن ثابت بن المنذر الخزرجي الأنصاري، أحد صحابة الرسول صل الله عليه وسلم من الأنصار، وهو من قبيلة الخزرج، و أصبح هو شاعر الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام بعد أن هاجر من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة.
ولد حسان بن ثابت في المدينة المنورة في عام خمسون قبل الهجرة، نشأ في بيت شرف، فقد كان والده سيدًا من سادات قومه، وكان قبل الإسلام يرد إلى ملوك الغساسنة فيمدحهم، وهم يجزلون عليه العطايا.
بعد أن دخل الإسلام قال الكثير من القصائد يهجو بها كفار قريش، وكل من كان يهجو الرسول صل الله عليه وسلم.
توفي في عهد الخليفة علي بن أبي طالب بين عامي خمسة وثلاثون وأربعون للهجرة في المدينة المنورة.