قصة قصيدة يا ابنة الأقوام إن شئت فلا
أمّا عن مناسبة قصيدة “يا ابنة الأقوام إن شئت فلا” فيروى بأنه عندما قام جساس بن مرة بقتل كليب بن ربيعة، ونشبت حرب البسوس بسبب ذلك، وعندما أقيم مأتم كليب بن ربيعة، وكانت الجليلة بنت مرة في بيت عزاء زوجها، قام بعض نساء الحي بالتوجه إلى أخت كليب، وقالوا لها: عليك أن تقومي بإخراج الجليلة بنت مرة أخت قاتل لأخيك من بيت العزاء، فإن بقائها في بيت عزاء أخيك ما هو إلا عيب وعار علينا، وعلى قومنا، عند كافة العرب، فاقتنعت أخته بما قالت لها النساء، وتوجهت إلى جليلة بنت مرة، وقالت لها: يا امرأة، أخرجي من بيت عزاء أخي، فأنت أخت من قتل أخي، فما كان من جليلة إلا أن خرجت من المأتم وهي تشعر بالمرارة والحزن على ما حصل لها، وتوجهت إلى بيت أبيها.
وبينما هي في ديار أهلها، وصلها بأن أحد خوات زوجها قالت فيها: رحلة من اعتدى علينا، وفراق من تشمت بنا، وبأنها قد قالت أيضًا: ويل لآل مرة من الكرو بعد الكرة، فأنشدت قائلة:
يَا ابْنَةَ الأَقْوَامِ إِنْ شِئْتِ فَلا
تَعْجَلِي بِاللَّوْمِ حَتَّى تَسْأَلِي
فَإِذَا أَنْتِ تَبَيَّنْتِ الَّذِي
يُوجِبُ اللَّوْمَ فَلُومِي واعْذُلِي
إِنْ تَكُنْ أُخْتُ امْرِئٍ لِيمَتْ عَلَى
شَفَقٍ مِنْهَا عَلَيْهِ فَافْعَلِي
جَلَّ عِنْدِي فِعْلُ جَسَّاسٍ فَيَا
حَسْرَتِي عَمَّا انْجَلَتْ أَوْ تَنْجَلِي
فِعْلُ جَسَّاسٍ عَلَى وَجْدِي بِهِ
قَاطِعٌ ظَهْرِي وَمُدْنٍ أَجَلِي
لَوْ بِعَيْنٍ فُقِئَتْ عَيْنِي سِوَى
أُخْتِهَا فَانْفَقَأَتْ لَمْ أَحْفِلِ
تَحْمِلُ العَيْنُ قَذَى العَيْنِ كَمَا
تَحْمِلُ الأُمُّ أذَىَ مَا تَفْتَلِي
يَا قَتِيلاً قَوَّضَ الدَّهْرُ بِهِ
سَقْفَ بَيْتَيَّ جَمِيعًا مِنْ عَلِ
هَدَمَ البَيْتَ الَّذِي اسْتَحْدَثْتُهُ
وَانْثَنَى فِي هَدْمِ بَيْتِي الأَوَّلِ
نبذة عن جليلة بنت مرة
هي جليلة بنت مرة بن ذهل بن شيبان من بنو شيبان بن بكر بن وائل، توفيت في عام أربعة وثمانون قبل الهجرة، وهي من أوائل الشاعرات العربيات، واشتهرت بكونها واحدة من أجمل نساء بكر بن وائل، تزوجها كليب بن ربيعة، وهو من أبناء عمومتها، فبقيت متزوجة منه حتى قام أخوها جساس بقتله.