قصة قصيدة يا برق حي إذا مررت بعزتا
أمّا عن مناسبة قصيدة “قصة قصيدة يا برق حي إِذا مررت بِعزتا” فيروى بأن محمد بن نصر الله بن مكارم بن الحسن بن عنين، كان واحدًا من أعظم شعراء عصره، وأكثرهم اتقانًا للشعر، ويروى بأنه كان كثير الهجاء، ولم يكن احد ممن يعرفه قد سلم من شره، ومن شر هجاءه، حتى أن السلطان صلاح الدين الأيوبي قد لحقه من هجاء محمد بن نصر الله القليل، وبسبب كثر هجاءه للناس، وإيذاءه لهم، قام السلطان صلاح الدين الأيوبي بنفيه خارج دمشق، وعندما خرج منها أنشد قائلًا:
فَعَلامَ أَبعَدتُم أَخا ثِقَةٍ
لَم يَجتَرِم ذَنباً وَلا سَرَقا
انفوا المُؤَذِّنَ مِن بِلادِكُم
إِن كانَ يُنفى كُلُّ مَن صَدَقا
وعندما خرج ابن عنين طاف في شتى أنحاء البلاد، فذهب إلى العراق، ومنها إلى الجزيرة العربية، ومن ثم ذهب إلى أذربيجان وخراسان، كما أنه قد زار اليمن ومصر، وبينما هو يطوف البلاد، اشتاق إلى دياره فأنشد قائلًا:
يا بَرقُ حَيّ إِذا مَرَرتَ بِعزَّتا
أَهلي وَإِن زادوا جَفاً وَتَعَنُّتا
أَبلِغهُمُ عَنّي السَلامَ وَقُل لَهُم
أَحبابَنا هذا الصُدودُ إِلى مَتى
طالَ اِنتِظاري لِلتَّلاقي فَاِجعَلوا
لِصُدودِكُم أَجَلاً يَكونُ مُوَقَّتا
كَم أَحمِلُ الشَوقَ المُبَرّحَ وَالأَسى
لَو كانَ قَلبي صَخرَةً لَتَفَتَّتا
يا سادَةً فارَقتُ يَومَ فراقِهِم
عَقلي وَطَلَّقتُ السُرورَ مُبَتَّتا
حَرَّمتُ بَعدَكُمُ وَذاكَ يحقُّ لي
لِبسَ الجبابِ وَتُبتُ عَن ذِكرِ الشِتا
أَحبابَنا بِدِمَشقَ دَعوَةَ نازِحٍ
لَعِبَت بِهِ أَيدي النَوى فَتَشَتَّتا
أَشكو إِلَيكُم فرطَ وَجدٍ لَم يَزَل
حَيّاً يُلازِمُني وَصَبراً مَيِّتا
عَجَباً لِروحي يَومَ جَدَّ فراقُكُم
إِذ لَم تَفظ وَالقَلبِ كَيفَ تَثَبَّتا
ومن بعد أن توفي صلاح الدين الأيوبي عاد ابن عنين إلى دمشق، وتقرب من الملك العادل، ومدحه في العديد من القصائد، وأصبح من القربين لديه، فوضعه مسؤولًا عن الكتابة والوزارة الخاصة بمملكته، كما أنه قد بقي وزيرًا في مدة حكم الملك الناصر، ولكنه في أيام الملك الأشرف ترك الوزارة، ولزم منزله حتى توفي.
نبذة عن ابن عنين
هو أبو المحاسن حمد بن نصر الله من مكارم بن الحسن بن عنين شرف الدين الزرعي الحوراني الدمشقي الأنصاري، ولد في دمشق، وأحد أفضل شعراء عصره، عاصر السلطان صلاح الدين الأيوبي.